في كتاباته عن سيره جمال عبدالناصر، ذكر السير “انتوني نتنج” عوامل عديده دفعت الرئيس المصري لارسال قوات مصريه الي اليمن، ومن بينها انفصال سوريا عن الجمهوريه العربيه المتحده عام 1961، وكان عبد الناصر يريد استرجاع هيبته بعد انفصال سوريا. وكان انتصار عسكري سريعا وحاسما، يمكن ان يعيد قيادته للعالم العربي. وكانت لعبد الناصر سمعته المعروفه كمعادي للاستعمار، وكان يريد طرد البريطانيين من جنوب اليمن، ومن ميناء عدن الاستراتيجي المطل علي مضيق باب المندب.
في بدايه الثورة اليمنية، في سبتمبر 1962، قرر جمال عبد الناصر ارسال ثلاث طائرات حربيه وفرقه صاعقه وسريه من مائه جندي الي اليمن، في مهمه ظنها سهله حينذاك، ولكنه تفاجا ان هناك من يعترض علي هذا القرار، وهو رفيقه كمال الدين حسين، عضو مجلس قياده الثوره، الذي اعتبر قراراً كهذا يشتت الجيش عن مهمته الاساسيه، في حربه مع عدو اسرائيلي متاهب علي الدوام، مذكّراً بكم الخسائر التي تحملتها ميزانيه الدوله، من جراء مغامره الوحده مع سوريا، التي انتهت بالانفصال المرير.
وطبقا لروايه نقلها وجيه ابو ذكري في كتابه “الزهور تدفن في اليمن” انتهت المناقشه بان اسمع عبد الناصر زميله “من المنقّي خيار”، وذكّره بفشله في وزاره التعليم، وطلب انهاء الاجتماع “لان كمال تعبان ولازم يستريح”. وبدا كمال، فور انتهاء الاجتماع استراحه طويله، في ظل الاقامه الجبريه في الاسكندريه.
سافرت القوات المصرية الي اليمن، ولم تكن تعرف شيئا عنها ولا عن طبيعتها او طبيعه الحرب التي ستخوضها.. ولم تكن مستعده لها، ولم تكن حرباً بالشكل المفهوم بل كانت حرب عصابات «كر وفر»، وفتح الطرق التي تقطعها القبائل اليمنية، ارسلت مصر سريه صاعقه ثم وصل العدد الي “55” الف مقاتل مصري في اليمن.
وحاربت القوات المصريه في اليمن اصنافاً كثيره من البشر، ومرتزقه من كل مكان في العالم، ولم تكن تعرف العدو من الصديق، وهل هذا يؤيد الجمهوريه ام ضدها، وكانت طبيعه العدو الذي تقاتله القوات المصريه تتميز بالغدر والخيانه. بالاضافه الي طبيعه الارض وصعوبه التحرك عليها، خاصه المنطقه الجبليه التي كانت تعسكر بها القوات المصريه، وكثره الاحجار الصخريه، وتاثيرها الخطير علي احذيه الجنود التي كانت تنتزع نعالها في مشوار واحد، فتصاب اقدام الجنود من الصخور وتدمي اصابعهم.
ومع قله المياه وطول المسافه وخطورتها علي موارد المياه في الوادي، واحتمال تلوثها بفعل العدو، وصعوبه وصول التعيينيات “الغذاء” الطازجه من “صنعاء” الي مواقع القوات، واذا وصلت فمعظمها يصل تالفاً، فضلا عن صعوبه وصول الصحف والمجلات وخطابات البريد، بالاضافه الي مشكلات الاجازات ونقل الجنود من والي مطار “صنعاء”، لقضاء الاجازه في مصر، كانت مشكله معقده وليس لها حل.
لان الطقس في اليمن كان متقلبا بشده، حيث البرد شديد ليلا ودوامات الاتربه الصاعده الي اعلي والحامله لكل اتربه اليمن، وشده الحراره في الوديان، والبروده القاسيه في الجبال، وكان هذا يتطلب وفره في البطاطين والملابس الصوفيه ليلاً، وملابس اخري خفيفه نهاراً.
في اغسطس 1967، استدعي عبد الناصر 15,000 جندي لتعويض الجنود الذين فُقدوا في حرب ذلك العام مع اسرائيل. حيث كانت حرب اليمن من احد اسباب الهزيمة فقد استنزفت حرب اليمن الكثير من موارد مصر المالية والبشرية في ذلك الوقت
وفي مؤتمر القمه العربيه بالخرطوم، الذي عُقد بعد الحرب، اعلنت مصر انها مستعده لسحب قواتها من اليمن، واقترح وزير الخارجيه المصري محمود رياض اعاده احياء اتفاق جده لعام 1965، وقبل الملك فيصل الاقتراح، ووعد بارسال قواته للقتال مع مصر ضد اسرائيل. ووقع عبد الناصر والملك فيصل اتفاقيه تنص علي سحب القوات المصريه من اليمن، ووقف المساعدات السعوديه للملكيين، وارسال مراقبين من ثلاث دول عربية محايده، هي العراق والسودان والمغرب. هذا هو التاريخ الذي لا يقرأه او يستفيد منه أحد الا القليل الصورة المرفقة هي صورة جمال عبد الناصر مع زعماء القبائل اليمنية الذين طالبوه بالتدخل في اليمن بالقوات المصرية