Tamer Badr

كتاب الرسائل المنتظرة

EGP60.00

الكتاب يتناول علامات الساعة بمنظور علمي وفقهي مختلف تماماً عن المفهوم الشائع لدي أغلب الناس

مهم جداً قراءة الكتاب بالترتيب حيث أن كل فصل في الكتاب يعتمد على الفصل الذي سبقه

التصنيف:

الوصف

عن كتاب الرسائل المنتظرة تأليف تامر بدر

يجب التنبيهُ في البداية بأنَّ كتابي (الرسائل المنتظرة) لا أشير فيه ولا أمهِّدُ فيه لأيِّ شخصٍ ظهر في الماضي أو في الحاضرِ بأنه رسولٌ من عند الله سبحانه وتعالى، فالبيناتُ والدلائلُ والمعجزاتُ التي ذكرتُها في هذا الكتاب والتي سيؤيِّد بها الله سبحانه وتعالى الرسولَ القادمَ لم تظهر مع أيِّ شخصٍ ادَّعَى كونَه المهدي أو رسولًا سواء كان في الماضي أو في الحاضر، كما أنني أيضاً لا أشير في هذا الكتاب لنفسي أو لأىِّ شخصٍ أعرفه من قريبٍ أو بعيد، فأنا لا أملك البينات التي تأتي مع المرسلين، كما أنني غيرُ حافظٍ للقرآنِ الكريم، كما أنني لم يهبني الله سبحانه وتعالى تأويلَ الآياتِ المتشابهاتِ او الحروف المُقطعة في القرآن الكريم، وهذا أيضاً لم أجده في أيِّ شخصٍ يدعي بأنه المهدي المنتظر سواءٌ في الحاضر أو ممن ادّعى بأنه المهدي في الماضي، فالرسولُ القادمُ موصوف بأنه ﴿رَسُولٌ مُبِينٌ﴾ [الدخان: 13] أي سيكون واضحًا جليَّاً لمن عنده علمٌ وبصيره، وسيكون معه من البينات الملموسة التي ستثبت بأنه رسولٌ من عند الله سبحانه وتعالى وليس مجردَ رؤى وأحلامٍ وتخيلاتٍ، وستكون البينات التي لديه واضحة للعالم أجمع وليست خاصة بفئة معينة من الناس.

إنَّ هذا الكتابَ رسالةٌ لوجه الله سبحانه وتعالى مني لكم وللأجيالِ القادمة حتى لا يأتي اليوم الذى تشعرون فيه بالصدمةِ من ظهور رسولٍ من عند الله سبحانه وتعالى يحذركم من عذابه فلا تصدقوه وتُكذبوه وتلعنوه، فتصبحوا على ما فعلتم من النادمين، وأنا أؤكد أيضًا بأنني مسلمٌ على مذهبِ أهلِ السنة والجماعة، فلم تتغير عقيدتي ولم أتحوَّل إلى البهائيةِ أو القاديانيةِ أو الشيعيةِ أو الصوفيةِ أو أيِّ ملةٍ أخرى، فإنني لا أومن بالرجعةِ أو بأنَّ المهدي في على قيد الحياة مختفي في سردابٍ منذ مئاتِ السنين أو أنَّ المهدي أو سيدِنا عيسى عليه السلام قد ظهرا من قبل وماتا، أو مثل هذه الاعتقادات.

كلُّ ما هنالك أنني غيَّرتُ اعتقاداً موروثًا منذ قرونٍ كثيرةٍ وهو أن سيدنا محمدًا ﷺ خاتمَ المرسلين وأصبح اعتقادي الآن كما هو مذكورٌ في القرآن الكريم والسنة المطهرة بأنَّ سيدنا محمدًا ﷺ هو خاتمُ النبين فقط، وبناءً على هذا الاعتقاد الجديد تغيَّرت نظرتي لآياتٍ عديدة في القرآن الكريم تُشير إلى أن الله سبحانه وتعالى سيبعث رسولاً آخر متبعًا شريعة نبينا ومطبقا لها مستقبلاً.

إن اعتقادي بإرسال الله سبحانه وتعالى رسولًا جديدًا قبل آياتِ العذاب القادمة لم يكن اعتقادًا منذ زمنٍ بعيد بل كان قبل صلاةِ فجرِ يوم 27 من شعبان 1440 هـ الموافق يوم 2 مايو 2019 م في مسجدِ إبراهيم الخليل القريب من منزلي بحيِّ السادس من أكتوبر بالقاهرة الكبرى، حيث كنت أقرأ القرآنَ كعادتي قبل إقامة صلاةِ الفجر فتوقفت عند آيات سورة الدخان التي تتحدث عن آيةِ عذاب الدخان، قال تعالى: ﴿بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (9) فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (13) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (14) إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (16)﴾ [الدخان] فتوقفت عن القراءة فجأةً وكأنني أقرأ هذه الآياتِ لأول مرةٍ في حياتي بسبب ذكرِ رسولٍ موصوف بأنه ﴿رَسُولٌ مُبِينٌ﴾ وسط آيات تتحدث عن أحداثِ الدخان والتي ستحدث مستقبلاً، فكررت قراءةَ هذه الآياتِ طوال هذا اليوم حتى أفهمَها جيدًا وأخذت أقرأُ جميع التفسيرات حول هذه الآيات فوجدت أنَّ هناك اختلافاً في تفسيرِ هذه الآيات، وأيضاً اختلاف في ربط زمنيّ لتفسيرِ هذه الآياتِ، فآيةٌ يتم تفسيرُها على أنَّ آيةَ الدخان قد ظهرت وانتهت في عهد النبيّ ﷺ، ثم تليها آية يتم تفسيرُها على أنَّ آيةَ الدخان سوف تحدث في المستقبل، ثم يعود تفسيرُ الآية التي تليها بأنها كانت في عهد النبيّ ﷺ، ومنذ ذلك اليوم بدأت رحلةٌ في البحث عن وجود رسول سيبعثه الله سبحانه وتعالى قبل آيةِ الدخان مصداقاً لقوله تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا (15)﴾  [الإسراء: 15]، إلى أن أصبح لدي قناعةٌ تامة بأنَّ النبي ﷺ هو خاتمُ النبيين فقط، وليس خاتمَ المرسلين وذلك كما قال الله سبحانه وتعالى في سورة الأحزاب: ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40)﴾ [الأحزاب]. فالله سبحانه وتعالى وهو بكلِّ شيءٍ عليمٌ لم يقل في هذه الآية وخاتم المرسلين، كما أنَّ الآية لا تدل على أنَّ كلَّ رسولٍ نبيٌّ، فلا تلازم بينهما.

إن القاعدة الشهيرة (أنَّ كلّ رسولٍ نبيّ، وليس كلّ نبيّ رسولاً) هي قول جمهورِ أهل العلم؛ وهذه القاعدةُ ليست من آيات القرآنِ الكريم وليست من أقوال النبيِّ ﷺ ولم تُؤثر عن أحدٍ من أصحاب النبيِّ ﷺ أو أحد من التابعين لهم بإحسان فيما نعلم، كما أن هذه القاعدة تقضى بختم جميعِ أنواع الرسالات التي يرسلها الله سبحانه وتعالى إلى الخلق سواء كانت من الملائكة أو الرياح أو السحاب إلخ الخ، فسيدُنا ميكائيلُ رسولٌ موكَّلٌ بتصريف المطر، وملكُ الموت رسولٌ مُسخَّرٌ لقبض أرواحِ الناس، وهناك رُسلٌ من الملائكة اسمهم الكرام الكاتبون ووظيفتُهم حفظ أعمال العباد وكتابتها سواءً أكانت خيراً أم شرّاً، وغيرهم الكثير من الملائكة المرسلين مثل منكر ونكير الموكّلون بفتنة القبر، فإذا افترضنا ان سيدنا محمدًا ﷺ خاتم النبيين والمرسلين في آنٍ واحدٍ فإنه لا وجود لرسول من عند الله سبحانه وتعالى لقبض أرواح الناس مثلاً وإلى غير ذلك من رُسل الله سبحانه وتعالى.

ان الشريعة الإسلامية بما تضمنتها من صلاة وصيام وحج وزكاة ومواريث وكل ما جاء به القرآن الكريم من أحكام وشرائع، هي شرائع ستبقى الى قيام الساعة مصداقاً لقوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا (3)﴾ [المائدة: 3]، ولكن الرُسل التي ستاتي مستقبلاً ومنهم سيدنا عيسى عليه السلام لن يغيروا في هذا الدين شيئا، بل سيكونون مسلمين مثلنا يصلون ويصومون ويزكون وسيحكمون بين الناس بشريعة الإسلام، وسيُعلمون المسلمين القرآن والسنة، وسيجاهدون لنشر هذا الدين، فهم على ملةِ الإسلام ولن يأتوا بدين جديد.

إن هناك آياتِ عذابٍ كبيرةً منتظرةٌ ومثبتةٌ من القرآن والسُّنةِ لم تأتِ بعد ومنها (الدخان وطلوع الشمس من مغربها ويأجوج ومأجوج وثلاثة خسوفٍ: خسفٌ بالمشرق وخسفٌ بالمغرب وخسفٌ بجزيرة العرب وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم) فهذه آياتُ عذاب كبيرةٌ جداً وتعمُّ ملايين من البشر، وليست آياتِ عذابٍ تشمل قريةً أو قبيلةً أو قوم مثل ما حدث مع قوم صالحٍ أو عاد، فالأولى أن يبعثَ الله سبحانه وتعالى رُسلاً لتحذير الملايين قبل نزول آياتِ العذاب الكبيرةِ جداً مصداقاً لقوله تعالى : ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء: 15]، فإن ختمت الرسل بسيدنا محمدٍ ﷺ فلن تُعاقب تلك الملايين من البشر ولن تقعَ آياتُ العذاب المذكورة في القرآنِ والسنة عليهم، ذلك لأنَّ عدمَ إرسالِ الله سبحانه وتعالى المنذرين إلى الظالمين، يجعل لهم حجةً على الله سبحانه وتعالى بأنهم ما كانوا يعلمون بعقابه..! لقوله تعالى: ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ (208) ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ (209)﴾ [الشعراء]. ولا يجوز القولُ بأنَّ النبيَّ ﷺ قد أنذر البشريةَ منذ أربعةَ عشرَ قرناً بعلاماتِ الساعة، فهناك ملايين البشرِ حالياً لا يفقهون شيئاً عن الإسلامِ أو عن رسالةِ نبيينا محمدٍ ﷺ، ومن سُنَّةِ الله سبحانه وتعالى التي لا تتغيَّرُ إرسالُ الرسلِ قبل وقوع آياتِ العذاب على الناس وأن يعاصر هؤلاء الرُسل وقوعَ هذه الآيات مصداقاً لقوله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51)﴾  [غافر]، فهي سنةُ الله سبحانه وتعالى التي لا تتغيَّرُ، فقد قال الله سبحانه وتعالى: ﴿سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77)﴾ [الإسراء].

هذا وبعد أن بلغتُ من العمر الخامسةَ والأربعين عاماً تغيَّر الاعتقادُ الذي كان راسخاً في ذهني بأنَّ سيدَنا محمدًا ﷺ هو خاتمُ النبيين والمرسلين إلى الاعتقادِ بأن سيدنا محمدًا ﷺ هو خاتمُ النبيين فقط وليس خاتمَ المرسلين، وبسبب ذلك التغير فقد توصلت إلى حلِّ رموزِ آياتٍ عديدةٍ في القرآن الكريم تتحدث عن رسولِ قادم وتمكنت أن أحلَّ رموزَ لآيات تتحدث عن أشراط الساعة واستطعت من خلالِ ذلك ربطَ وترتيب أشراط الساعة بما جاء من القرآن الكريم والسنة المطهرة والتي لم أكن لأستطيع ربطَها وترتيبها وفهمها لولا أن تغير اعتقادي ذلك.

إن تبديلَ اعتقادي هذا لم يكن بالأمرِ السهل بالنسبةِ لي، فقد اجتزت مراحلَ عديدةً وشاقةً ما بين الشك واليقين، فيوماً ما أكون في مرحلةٍ من الشك وأقول لنفسي لن يكون هناك رسولٌ قادم، ويومًا آخرَ أصل إلى مرحلةٍ من اليقين بعد أن أفتح الراديو في سيارتي وأسمع من إذاعة القرآن الكريم آيةً قرآنيةً تُعيدني إلى مرحلة اليقين، أو أن أقرأ آياتٍ جديدةً من القرآن تُثبت لي أنَّ هناك رسولًا قادمٌ.

لقد أصبح لديَّ كميةٌ كبيرةٌ من الدلائل من القرآن والسنة التي تجعلني على يقين بأنَّ هناك رسولًا قادمٌ، فكان أمامي خياران: إما أن أحتفظَ بهذه الدلائلِ لنفسي وإما أن أعلنها، فالتقيت بشيخٍ أزهريٍّ وتحدثت إليه بخصوص اعتقادي هذا وقرأتُ عليه آيات الدخان وقلت له: إنَّ الرسولَ المبين المذكور في هذه الآيات هو رسولٌ قادمٌ وليس هو النبيَّ ﷺ، فما كان منه الا أن كفَّرني بصورةٍ غير مباشرةٍ وقال لي “إنك بهذا الاعتقاد دخلت مرحلة من مراحل الكفر بدين الإسلام..!” فقلت له أنا أصلى وأصوم واشهد بأن لا إله الا الله وأن محمدًا رسول الله، وأنّ سيدَنا محمدًا ﷺ هو خاتمُ النبيين كما هو مذكورٌ في القرآن وأنَّ اعتقادي بأنَّ النبيَّ ﷺ ليس خاتمَ المرسلين لا تجعلني كافراً، وذكرت له بعضَ الدلائل الأخرى التي تؤيد وجهةَ نظري، ولكنه لم يقتنع وتركني ولسانُ حالِة يقول في نفسِه بأنني دخلت مرحلةً الكفر، وقال لي آخر قرأ جزء من كتابي هذا بأنني سأشعل فتنة، حينئذٍ تذكرت رؤيا الزواجِ بالسيدة مريمَ عليها السلام والتي كانت يوم 22 ذو القعدة 1440 هـ الموافق يوم 25 يوليو 2019 حيث رأيت أنني تزوجت من السيدةِ مريمَ (عليها السلام) وكنت أسير معها في الطريق وكانت إلى يميني، وقلت لها أتمنى أن يرزقني الله سبحانه وتعالى بطفلٍ منك، فقالت لي ليس قبلَ أن تنتهي مما عليك من أعمال، فتركتني واستكملتْ طريقها للأمام، واتجهتُ أنا إلى اليمين وتوقفت وفكرت في جوابها وقلت إنَّ عندها حقَّاً فيما تقوله وانتهت الرؤيا.

وبعد أن نشرت هذه الرؤيا كان تفسيرُ أحدِ الأصدقاء لهذه الرؤيا ((التأويل يتعلق بإصلاحٍ كبيرٍ في العقيدة الدينية، قد يكون خاصاً بك، أو بأحدِ ذريتك، ومع أن هذا الإصلاح هو الحقُّ، ولكنه سيلقى معارضةً شديدةً لا تُحتمل)). ولم أكن وقتها أفهم تفسير تلك الرؤيا.

قررت أن أكتب هذا الكتاب وكنت كلَّما أنهى جزءًا منه أتردد في استكمال الكتاب وأرمي ما كتبته في صندوقِ المهملات، فالكتابُ يناقش معتقداً خطيراً، ويتناول تفسيرَ العديد من آياتِ القرآن الكريم مخالفةً للتفسيرات الموجودةِ منذ أربعة عشرَ قرناً، ولسانُ حالي يقولُ باليتني ما فهمت شيئاً حتى لا أقعَ في تلك الفتنةِ والحيرة، فقد أصبحت في فتنةٍ وكان أمامي خياران كما ذكرت سابقاً وكِلا الخيارين له من الأسبابِ التي تجعلني في حيرةٍ شديدة.

الخيار الأول : أن أحتفظ بدلائلِ بعث الله سبحانه وتعالى لرسولِ قادم لنفسي، وذلك للأسبابِ الآتية :

1- الإعلان عن هذا الاعتقادِ سيفتح أمامي بابًا كبيرًا جداً من الجدال والنقاش والهجوم الذي لن ينتهي إلى أن أموت، وسيتم اتهامي بالكفر والصوفية والبهائية والقاديانية والتشيُّعِ وغيرها من الاتهامات التي كنت في غنى عنها، وأنا في الأساس لازلت مسلماً على مذهب أهل السنةِ والجماعة، ولكنَّ الخلاف الجوهريَّ الوحيد الآن هو الاعتقادُ بظهور رسولٍ قادمٍ قبل آيات العذاب مصداقاً لقوله تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا (15)﴾ [الإسراء: 15].

2- هذه ليست معركتي بل معركةُ الرسولِ القادم الذي سيأتي ومعه الأدلةُ العملية والبيناتُ والبراهين والمعجزات التي ستؤيد حجتَه، في حينِ أنني لا أملك سوى ما كتبته في هذا الكتاب وهذا لن يكفي لإقناعِ الناس، والرسولُ القادمُ مع أنه سيأتي بالبينات والمعجزات التي تُثبت رسالته إلا أنه سيُقابل بالتكذيبِ والتشويه، فما بالي أنا بما سيحدث لي مقارنةً بالرسول القادم وما يملكه من البينات ..؟!

3- الاعتقاد بأن النبيَّ ﷺ هو خاتمُ المرسلين أصبحَ اعتقادٌ كالركن السادس من أركانِ الإسلام الذي لا يجوز لأحدٍ النقاش فيه، وتغيير هذا الاعتقاد (المتجذر في نفوس المسلمين منذ أربعةَ عشرَ قرناً) في فترةٍ قصيرة أو من خلال كتابٍ واحدٍ ليس بالأمر السهل بل يحتاج إلى وقتٍ طويلٍ جداً يتناسب مع طولِ فترةِ هذا الاعتقاد، أو يحتاج إلى ظهورِ الرسول المنتظر ومعه البيناتُ والمعجزات التي من خلالها يستطيع تغير هذا الاعتقاد في مدةٍ قليلة من الزمن.

الخيار الثاني : أن أنشرَ كلَّ الدلائلِ التي توصلت لها من خلال كتابٍ يناقش هذا الاعتقاد، وذلك للأسباب الآتية :

1- أخشى إذا احتفظت بهذه الدلائلِ لنفسي أن أكونَ ممن قال عنهم النبيُّ ﷺ: «مَن كتمَ علمًا ألجمَهُ اللَّهُ يومَ القيامةِ بلجامٍ من نارٍ» ]رواه عبدالله بن عمرو[، فما وصلت اليه من عِلم في هذا الكتاب يُعتبر أمانة يجب علي أن أُبلغها للناس حتى ولو كلفني ذلك الكثير من المتاعب، فغايتي هي رضا الله سبحانه وتعالى عني وليس رضا عباد الله سبحانه وتعالى عني، فلست من النوع الذي يسير مع القافلة في الصواب والخطأ على حدٍ سواء.

2- أخشى أن أموتَ ثم يظهرَ رسولٌ يبعثه الله سبحانه وتعالى ليدعوا الناس للعودةِ إلى طاعة الله سبحانه وتعالى والا سيغشاهم العذاب، فيُكذبه المسلمون ويكفِّرونه ويلعنونه، فتكون كلُّ أفعالِهم في ميزان سيئاتي يومَ القيامة لأنني لم أخبرهم شيئاً مما رزقني الله سبحانه وتعالى به من علم، فيقفون أمامي يوم القيامة ويعاتبونني على عدم إخبارهم بما وصلت اليه وعرفته.

لقد شعرت بالتخبُّط والإرهاق من كثرةِ التفكير في هذه الفترة ولم أستطِع النومَ بسهولةٍ من التفكير، فدعوتُ الله سبحانه وتعالى أن يرزقني رؤيا تكون فيها الإجابةُ عن سؤالي: هل أستمر في تأليف الكتاب ونشرِه أم أتوقف عن تأليف هذا الكتاب؟ فرأيت في يوم 18 محرم 1441 الموافق 17 سبتمبر 2019 هذه الرؤيا.

(رأيت أنني انتهيت من تأليف كتابي الجديدِ عن علاماتِ الساعة وتمَّت طباعتُه وتسليم جزءٍ من النسخ إلى دار النشر، وتبقى في سيارتي باقي نسخِ كتابي الجديد لأوزِّعها على باقي دورِ النشر، فأخذت إحدى نسخِ الكتاب للاطلاع على مدى جودة طباعتها فوجدت أنَّ الغلاف ممتازٌ ولكنني وبعد أن فتحتُ الكتاب فوجئت بأنَّ أبعاده أصغر مما كنت قد صممته، فكانت النتيجةُ أنَّ حجمَ الكتابة أصبح صغيراً ويحتاج من القارئِ أن يقترب بعينيه إلى الصفحات أو يستخدم النظارةَ حتى يستطيعَ قراءة كتابي، غير أنه كان هناك عددٌ قليل من الصفحات في الثلثِ الأول من كتابي بالأبعاد الطبيعية لأيِّ كتابٍ، والكتابةُ الموجودة بها طبيعيةٌ ويستطيع الكلُ قراءتها ولكنها لم تكن مثبتةً جيدا في الكتاب، بعد ذلك ظهر لي صاحبُ المطبعة الذى طبع لي كتابًا سابقًا وهو كتاب (صفة الراعي والرعية) ومعه كتابٌ طبعه لمؤلفٍ آخرَ ويتناول هذا الكتاب الدخان وهى إحدى علاماتِ الساعة الكبرى، فقلت له إن كتابي هذا يشمل جميعَ علاماتِ الساعة ومنها الدخان، فتفحص صاحب هذه المطبعة كتابه الذى قام بطباعته فوجده مطبوعًا بصورةٍ ممتازة غير أن به خطأً في ترقيم الصفحات، فأولُ صفحةٍ وأخرُ صفحةٍ خلف الغلاف ترقيمهما غيرُ متسلسلٍ مع الكتاب، ولكنني لاحظت في أخر صفحةٍ في كتابه آخر آية من سورة الدخان وهى ﴿فَارْتَقِبْ إِنَّهُم مُّرْتَقِبُونَ﴾).

كان تفسير هذه الرؤيا كما أخبرني أحدُ الأصدقاء: (أما الثلث الأول والذي تحتوي بعض صفحاته الوضوح ولكنها غيرُ ثابتةٍ بشكلٍ جيدٍ فإنه يتعلّق بأمورٍ سوف تقع في فتره حياتك ولم تقع بعدُ لكي تثبت، وأما الكتابُ الاخر والذي تم طباعتُه بشكلٍ ممتاز وواضحٌ، والمتعلق بآية الدخان فهو مؤشِّرٌ -والله أعلم- على اقتراب حدوث هذه الآية فهذا زمانها والله اعلم، ولكي تقع هذه الآية سيكون لها بداية تختلف عما نتوقع ونهاية لم نكن نتصور) وفسر صديقٌ آخرُ هذه الرؤيا وقال: (رؤياك تعني اقترابَ ظهور شخص يجتمع الناس عليه ويكون هو الراعي للراعية، وأول آيةٍ هي ظهور الدخان في السماء، وبالنسبةِ لكتابك لن يستطيع فهمه إلا كلُّ ذي بصيرةٍ كبيرةٍ من الله سبحانه وتعالى ليستوعبَ ما ستكتب، واعتقد انَّ الأوراقَ المتآكلةَ التي اوشكت علي القطع هي تفاسير لآياتٍ واحاديثَ راسخةٍ عند علماء التفسير، والتفاسيرُ الجديدةُ ستقطع القديمة، والله أعلى وأعلم) ولم يكن صاحِبَي تفسيرِ تلك الرؤيا يعلمان ما يتناوله كتابي هذا، ولذلك، فقد قررت الاستمرار في تأليف الكتاب بالرغم مما واجهته من متاعب نفسيةٍ بسبب خوفي مما سألاقيه بسبب هذا الكتاب من جدالٍ وتكفيرٍ ومتاعب لا أعلم توابعها.

لقد حاولتُ من خلال هذا الكتاب الجمعَ بين النصِّ الصحيحِ من القرآن والسنة وبين الحقيقة العلمية بناءً على آخر ما توصل له العلمُ الحديث؛ فقد وضعت في كتابي هذا آياتٌ عديدةٌ وقمت بتفسيرها بما يوافق القرآن والسنة وبما يطابق هذا التفسير من نظرياتٍ علميةٍ حديثة، فرتبت أشراط الساعةَ باجتهادٍ مني، فمن الوارد أن يأتي اليوم أن ينطبق فيه هذا الترتيبُ أو أن يختلفَ في ترتيب البعض منه، وواردٌ أن يُخطِئَ إسقاطي بعضَ الآياتِ الدالة على رسولٍ قادمٍ على رسولٍ آخرَ غيرِ المهدي المنتظر أو سيدنا عيسى عليه السلام، ولكنني حاولت بقدر الإمكان ربطَ كافةِ الخيوط والإسقاطات من واقع الكتاب والسنة والأدلة العلمية حتى أُرتِّبَ هذه الأحداث، ولكن في النهاية هذا اجتهاد مني من الممكن أن أصيبَ في بعضِ المواطن ومن الممكن أن أخطئَ في مواطن أخرى، فأنا لست بنبيٍّ أو رسولٍ معصومٍ من الخطأ، ولكنَّ الشيءَ الوحيد المتأكد منه من واقعِ ما جاء في الكتاب والسنة بأنَّ هناك رسولًا قادمًا سيُنذر الناس بعذابِ الدخان وأن أغلبَ الناس لن يُصدقوا هذا الرسولَ فيقع عليهم عذاب الدخان، ومن ثَم ستتوالى أشراط الساعة الكبرى بعد ذلك والله أعلم.

إنه مع اعتقادي في هذا الكتاب بظهور رسولٍ قادمٍ لن يكون علي وزرِ أحدٍ سيتبع رسولًا مزيفًا دجالًا، لأنني وضعت في هذا الكتاب شروطًا وبيناتٍ سيؤيد بها الله سبحانه وتعالى الرسولَ القادم حتى لا ينخدع فيه أحدٌ ممن قرأ كتابي هذا، ومع ذلك سيتبع الرسولَ القادم عدد قليل، وكتابي هذا وإن انتشر فلن يضيفَ أو ينقصَ هذا العددَ القليلَ إلا أن يشاءَ الله تعالى غير ذلك؛ ولكن سيكون وزرُ من يُكذب ويجادل ويسبُّ الرسول القادم سيقع على عاتق العلماءِ الذين قرأوا وتدبروا الأدلةَ والبراهين التي ذُكرت في الكتاب والسنة والتي تُثبت مجيئِ رسولٍ قادم، ومع ذلك أصرُّوا وأفتوا بأنَّ سيدنا محمدًا ﷺ خاتم المرسلين وليس خاتمَ الأنبياءِ فقط كما هو مذكورٌ في الكتاب والسنة، ومن أجل فتواهم هذه سيضلُّ عددٌ كثيرٌ من المسلمين الذين سيكذبون الرسول القادم، فيتحملون بذلك وزر فتواهم ووزر من أضلوهم، ولن ينفعَهم حينها قولهم (هذا ما وجدنا عليه آبائنا وعلمائنا السابقون) لأنهم جاءتهم الأدلةُ والبراهين فجادلوا فيها ورفضوها، فنرجو أن تتفكروا في مصير ابنائكم وأحفادكم عندما سيُنذرهم الرسولُ القادمُ بعذاب الدخان، فكلُّ الرُسلِ تم تكذيبهم من أغلب الناس وهذا ما سيحدث مستقبلاً مع الرسولِ القادمِ -والله أعلم-، فلم تزلِ الرسلُ تتوالى بتوالي الأمم، وتتعاقب على مرِّ الزمن، ويتم تكذيبها في كلِّ عصرِ من أغلب الناس، كما قال تعالى: ﴿كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ﴾  [المؤمنون: 44].

إن المتوجِّهَ إلى الله لا يُعلّق إيمانُه على رأي الغير، بل يفكّر بعقله، وينظر بعينه ويسمع بأُذنِه لا بأُذنِ الآخرين، ولا يترك للتقاليد أن تقفَ حجرَ عثرةٍ في سبيله إلى الله سبحانه وتعالى، فكم من التقاليدِ والعادات القديمة تركناها، وكم من نظريّةٍ قديمةٍ أخلت مكانها لأخرى جديدة، وإن لم يجتهد الإنسانُ في البحث عن الحقيقة فإنّه سيظلُّ في ظلماتِ التقليد مردداً ما قاله الأولون: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى ءَاثَارِهِم مُهْتَدُونَ (22)﴾ [الزخرف].

وسأختم هذا الكتاب بما جاء في قولِه تعالى في سورة الكهف: ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54) وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا (55) وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنذِرُوا هُزُوًا (56) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا (57) وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلًا (58) وَتِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا (59)﴾ [الكهف]، وسأترك لكم تدبُّرَ تلك الآياتِ بنفس الطريقةِ التي أتَّبعتها في تأويل الآيات الواردةِ في كتابي هذا، فهذه الآياتُ أعتقد -والله أعلم- ستتكرر عند ظهورِ الرسولِ القادم الذي سيأتي بالهدى ولكنه سيُقابل بالجدالِ والتكذيب، فهذه هي سُنَّةُ الله سبحانه وتعالى التي لا تتغير، فقد قال الله سبحانه وتعالى ﴿سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77)﴾  [الإسراء].

 

تامر بدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *