Zum Inhalt springen
Tamer Badr
  • Roya Tamer Badr
    • Über Visionen
    • Visionen 1980-2010
    • Visionen 2011-2015
    • Visionen 2016-2020
    • Visionen 2021-jetzt
  • Artikel von Tamer Badr
    • Erwartetete Nachrichten
    • Die Zeichen der Zeit
    • Urheberschaft
    • Dschihad
    • Leben
    • Nachricht
    • Persönlich
    • Islam
    • Historische Figuren
  • Kritische Anmerkungen
  • Artikel für Mitglieder
  • Eintragen

معركة الجسر...

  • Startseite
  • Urheberschaft
  • معركة الجسر

معركة الجسر

  • By admin
  • 27/03/202520/04/2025

4 ديسمبر 2013

 

هناك فصيل سياسي الآن كلما أراه أتذكر المسلمون في معركة الجسر
عندما ستقرؤون هذه المعركة ستعرفون هذا الفصيل السياسي

يقدم لنا تاريخ العسكرية الإسلامية كثيراً من الدروس التي تبقى الاستفادة منها واجبة وممكنة في كل وقت، وحتى تلك المعارك التي خسر فيها المسلمون تستدعي التوقف عندها وقراءة الأسباب التي أدت إلى الهزيمة، ولعل أشهر تلك المعارك معركة الجسر التي جرت يوم الثالث والعشرين من شهر شعبان عام 13 هجرية.
أجواء الإعداد للمعركة
نتيجة للتطورات العسكرية على الجبهة مع الرومان تم نقل قسم كبير من الجيش إلى الجبهة المواجهة للرومان، عندها ركز الفرس جهدهم على تصفية الوجود الإسلامي في العراق، فقرر القائد المثنى بن حارثة تجميع الجيش المسلم على حدود العراق، وذهب مسرعاً لعرض الأمر على الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه فوجده يحتضر، وسرعان ما توفي وتولى الخلافة بعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فعرض عليه المثنى الوضع العسكري في العراق. وقد كانت المهام كثيرة أمام عمر بن الخطاب بعد استلامه الخلافة، ومع ذلك أولى الجهاد ضد الفرس في العراق اهتمامه، فنادى على الناس داعياً إياهم للجهاد ضد الفرس، ولكن الوضع لم يكن واضحاً تماماً بالنسبة للمسلمين في تلك الفترة الانتقالية بين حكم خليفتين، فتردد الناس في تلبية الدعوة، وبعد محاولات متكررة منه استجاب حوالي ألف رجل، فجمعهم وأمَّر عليهم أبا عبيد الثقفي، ووجههم للعراق. وبحسب إجماع المؤرخين، لم يكن أبو عبيد الثقفي مؤهلاً تماماً للقيادة، ولكنه كان معروفاً بشجاعته وإخلاصه وتقواه، حتى إن المثل كان يُضرب بشجاعته بين العرب وقتها، وهو ما كان يدركه عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، ولكن في تلك الفترة العصيبة لم يكن أمامه خيار آخر سوى تسليم قيادة الجيش لأبي عبيد، الذي ما إن دخل العراق حتى نظم الصفوف، واستطاع بفضل الله ثم بشجاعته وإقدامه أن يستعيد كل الأراضي التي تخلى عنها المسلمون، وبجيشه الذي لا يزيد عن عشرة آلاف مقاتل استطاع أن ينتصر في ثلاث معارك كبيرة هي النمارق والسقاطية وباقسياثا، وكان الخليفة عمر يتابع باهتمام وبشكل مباشر أخبار أبي عبيد، فاطمأن إلى أهليته في قيادة الجيش بعد الانتصارات التي حققها.
الوضع عند الفرس
كان لهذه الانتصارات التي حققها المسلمون بقيادة أبي عبيد أثر مدو على الفرس، فتزعزعت الجبهة الداخلية الفارسية بقوة، حتى إن خصوم رستم ثاروا عليه، واتهموه بالتقصير والتخاذل عن قتال المسلمين، وبدأ الانهيار المعنوي في صفوف الجيش الفارسي، وكان لابد على رستم أن يتحرك لوقف التدهور على الجبهة الداخلية من جهة، وتحقيق أي نصر على جيش المسلمين يرفع من الحالة المعنوية لجيشه، فعقد اجتماعاً على أعلى المستويات القيادية، واستدعى القائد ألجالينوس الذي فر من قتال المسلمين، وغضب عليه بشدة وحكم عليه بالقتل مع وقف التنفيذ، وأنزل رتبته من قائد عام إلى مساعد القائد العام، ثم تشاور مع كبار قادة جيوشه في كيفية تحقيق النصر على المسلمين ولو مرة واحدة في محاولة منه لرفع الحالة المعنوية لجنود الفرس الذين هُزموا في كل لقاءاتهم مع المسلمين. وكان رستم داهية، فاختلى بجالينوس القائد السابق للجيش، وتشاور معه حول نقاط القوة في جيش المسلمين، ونقاط الضعف في جيشه، فشرح له الجالينوس أن كثرة العدد لا تفيد مع جيش المسلمين؛ لأن أسلوبهم القتالي يعتمد على الكر والفر، وإنهم يُبدعون في قتال الأماكن المنبسطة التي تماثل بيئتهم الصحراوية، وغير ذلك من النقاط التي وضعها رستم في حسبانه واستفاد منها في إعداده للجيش.
كانت الخطوة الأولى التي قام بها رستم هي اختيار قائد قوي للجيش، فاختار أمهر القادة الفرس وأدهاهم، وهو (ذو الحاجب بهمن جاذويه)، وكان من أشد قادة الفرس كِبراً وحقداً على المسلمين والعرب، وإنما تسمى بذي الحاجب لأنه كان يعصب حاجبيه الكثيفين ليرفعهما عن عينيه تكبراً، فأسند له رستم قيادة الجيش الذي بلغ أكثر من سبعين ألف فارسي، كما اختار رستم بنفسه أمراء الجند وأبطال الفرسان، وليتغلب على أسلوب المسلمين في قتال الكرّ والفرّ زود الجيش ولأول مرة بسلاح المدرعات الفارسي، وهي الفيلة، وليضفي رستم أهمية خاصة على هذا الجيش المدرع أعطاه راية الفرس العظمى واسمها (دارفن كابيان)، وكانت مصنوعة من جلد النمور، وكانت هذه الراية لا تخرج إلا مع ملوكهم في معاركهم الحاسمة.
وكان أبو عبيد يتابع عبر استخباراته التحركات العسكرية للفرس، فوصلته أخبار الجيش الجرار الذي أعده رستم لمحاربة جيش المسلمين فتوجه بجيشه إلى منطقة في شمال الحيرة تسمى “قِسّ النَّاطِف”، وعسكر بجيشه في هذه المنطقة انتظاراً لقدوم جيش الفرس. وقَدِمَ الفُرسُ، ووقفوا على الجانب الآخر من نهر الفرات، فالمسلمون على الناحية الغربية، والفرس على الناحية الشرقية بقيادة بهمن جاذويه، وكان بين الشاطئين جسرٌ عائم أقامه الفرس في هذه الآونة للحرب وقد كان الفرس مهرة في بناء هذه الجسور وأرسل بهمن جاذويه رسولاً إلى الجيش الإسلامي يقول له: “إما أن نعبر إليكم، وإما أن تعبروا إلينا”.
أبو عبيد يخالف نصيحة عمر
كان عمر بن الخطاب نصح أبي عبيد قبل أن يخرج إلى القتال وقال له: “لا تُفشِينَّ لك سرًّا؛ لأنك مالكٌ أمرك حتى يخرج سِرُّك من بين جنبيك، ولا تحدِثَنَّ أمراً حتى تستشير أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم”, وأوصاه خاصة بسعد بن عبيد الأنصاري وسليط بن قيس من الصحابة الكرام رضي الله عنهم جميعاً، وأخطأ أبو عبيد الخطأ الأول فأخذ يناقش أصحابه ويشاورهم أمام رسول الفرس، وهذا إفشاء للسر ولأمور التنظيم الحربي، وأخذته الحميَّة عندما وصلته الرسالة؛ وقال: “والله لا أتركهم يعبرون ويقولون إنا جَبُنَّا عن لقائهم”. واجتمع الصحابة على عدم العبور إليهم وقالوا له: “كيف تعبر إليهم وتقطع على نفسك خط الرجعة، فيكون الفرات من خلفك؟!”. وقد كان المسلمون وأهل الجزيرة العربية يجيدون الحرب في الصحراء، ودائماً كان المسلمون يجعلون لأنفسهم خط رجعة في الصحراء، وإذا حدثت هزيمة يستطيع الجيش أن يرجع إلى الصحراء ولا يهلك بكامله، ولكن أبا عبيد أصرَّ على رأيه بالعبور، وذكّره أصحابه بقول عمر بن الخطاب: “أنِ اسْتشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم”. فقال: “والله لا نكون عندهم جبناء”, وهذا كله يحدث أمام رسول الفرس، الذي استغل الفرصة ليثير حميَّة أبي عبيد، فقال: “إنهم يقولون إنكم جبناء ولن تعبروا لنا أبدا”. فقال أبو عبيد: “إذن نعبر إليهم”. وسمع الجنود وأطاعوا وبدأ الجيش الإسلامي يعبر هذا الجسر الضيِّق للوصول للناحية الأخرى التي يوجد بها الجيش الفارسي.
ونلاحظ في هذا الموقف أن الجيش الإسلامي يدخل في منطقة محصورة بين نهر يُسمى النيل وهو نهر صغير وأحد روافد نهر الفرات وبين نهر الفرات، وكلا النهرين يمتلئ بالمياه، والجيش الفارسي يغلق باقي المنطقة، فلو دخل المسلمون هذا المكان فليس أمامهم إلا القتال مع الجيش الفارسي، والفرس يدركون أهمية هذا الموقع جيداً، فأخلوا مكاناً ضيقاً ليعبر المسلمون إليهم، ويتكدس الجيش الإسلامي في منطقة صغيرة جداً، ويرى المثنى بن حارثة ذلك ويعيد النصيحة لأبي عبيد قائلاً له: “إنما تلقي بنا إلى الهَلَكَة”. ويصرُّ أبو عبيد على رأيه. وعبر الجيش الإسلامي بالفعل إلى هذه المنطقة، وكان مع الفُرْسِ عشرة أفيال منها الفيل الأبيض، وهو أشهر وأعظم أفيال فارس في الحرب، وتتبعه كل الفيلة إن أقدم أقدموا وإن أحجم أحجموا.
المعركة
بدأت المعركة وتقدمت الجيوش الفارسية يتقدمها الفيلة إلى الجيش الإسلامي المحصور بين نهري الفرات ورافده نهر النيل، وتراجعت القوات الإسلامية تدريجياً أمام الأفيال، ولكن خلفهم نهرين فاضطروا للوقوف انتظاراً لهجوم الفيلة وقتالها، وكانت شجاعة المسلمين وقوتهم فائقة ودخلوا في القتال، ولكن الخيول بمجرد أن رأت الأفيال فزعت وهربت، وكانت سبباً في إعاقة إقدام المسلمين على القتال، وعادت الخيول إلى الوراء وداهمت مشاة المسلمين، ولم تفلح محاولات المسلمين لإجبار الخيول على الإقدام لعدم تمرُّسها على مواجهة الأفيال، وفي هذه اللحظة وبعد أن أخطأ أبو عبيد في إفشاء السر أمام رسول الفرس، وأخطأ في العبور مخالفاً مشورة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخطأ باختياره هذا المكان للمعركة, وبعد كل هذه الأخطاء كان لا بد عليه أن ينسحب بجيشه سريعاً من أرض المعركة، كما فعل خالد بن الوليد في معركة المذار عندما علم أنه سيكون محاطاً بجيش من الجنوب، انسحب سريعاً بجيشه حتى يقابل جيش الأندرزغر في الولجة.
لكن أبا عبيد استقتل وقال: “لأقاتلنَّ حتى النهاية”. وإن كانت هذه شجاعة فائقة منه، فإن الحروب كما تقوم على الشجاعة لا بد أن يكون هناك حكمة في التعامل مع الحدث. وبدأت أفيال الفرس تهاجم المسلمين بضراوة، وأمر أبو عبيد أن يتخلَّى المسلمون عن الخيول ويحاربوا الفرس جميعاً وهم مشاة، وفقد المسلمون بذلك سلاح الخيول وأصبحوا جميعاً مشاة أمام قوات فارسية مجهزة بالخيول والأفيال، واشتد وَطِيسُ الحرب ولم يتوانَ المسلمون عن القتال، وتقدم أبو عبيد بن مسعود الثقفي وقال: “دُلُّوني على مقتل الفيل”. كما قال من قبل المثنى بن حارثة، فقيل له: “يُقتَلُ من خرطومه”. فتقدم ناحية الفيل الأبيض بمفرده، فقالوا له: “يا أبا عبيد، إنما تلقي بنفسك إلى التهلكة وأنت الأمير”. فقال: “والله لا أتركه إما يقتلني وإما أقتله”. وتوجه ناحية الفيل وقطع أحزمته التي يُحمل فوقها قائدُ الفيل، ووقع قائد الفيل وقتله أبو عبيد بن مسعود، ولكن الفيل لا يزال حيًّا، وهو مُدَرَّب تدريباً جيداً على القتال، وأخذ أبو عبيد يقاتل هذا الفيل العظيم ويقف الفيل على قدميه الخلفيتين ويرفع قدميه الأماميتين في وجه أبي عبيد، ولكنَّ أبا عبيد لم يتوانَ عن محاربته ومحاولة قتله، وعندما شَعَر بصعوبة الأمر أوصى من حوله: “إن أنا مِتُّ، فإمرة الجيش لفلان ثم لفلان ثم لفلان”؛ ويعدد أسماء من يخلفونه في قيادة الجيش. وهذا أيضاً من أخطاء أبي عبيد؛ لأن أمير الجيش يجب أن يحافظ على نفسه، ليس حبًّا في الحياة ولكن حرصاً على جيشه وجنده في تلك الظروف، وليس الأمر شجاعة فحسب، ولأنه بمقتل الأمير تنهار معنويات الجيش، وتختل الكثير من موازينه. ومن الأخطاء أيضاً أن أبا عبيد أوصى بإمرة الجيش بعده لسبعة من ثقيف منهم ابنه وأخوه والثامن المثنى بن حارثة، وكان الأَوْلى أن يكون الأمير بعده مباشرة المثنى أو سليط بن قيس، كما أوصاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
استشهاد أبي عبيد وتولِّي المثنى
ويواصل أبو عبيد قتاله مع الفيل ويحاول قطع خرطومه، لكن الفيل يعاجله بضربة فيقع على الأرض، ويهجم عليه الفيل ويدوسه بأقدامه الأماميتين فيمزِّقهُ أشلاءً, وقد كان موقفاً صعباً على المسلمين حينما يرون قائدهم يُقتَل هذه القتلة البشعة. ويتولى إمرة الجيش بعده مباشرة أول السبعة ويحمل على الفرس ويستقتل ويقتل، وكذا الثاني والثالث وهكذا، وقد قتل في هذه المعركة ثلاثة من أبناء أبي عبيد بن مسعود الثقفي كان أحدهم أميراً على الجيش، وقُتِل كذلك أخوه الحكم بن مسعود الثقفي وكان أحد الأمراء على الجيش بعد استشهاد أبي عبيد، وتأتي الإمرة للمثنى بن حارثة والأمر كما نرى في غاية الصعوبة، والفرس في شدة هجومهم على المسلمين،
وفي هذه اللحظة يبدأ بعض المسلمين في الفرار عن طريق الجسر إلى الناحية الأخرى من الفرات، وهذه أول مرة في فتوح فارس يفِرُّ فيها بعض المسلمين من القتال، وهذا الفرار في هذا الموقف له دليل شرعي ولا يُعَدُّ فراراً من الزحف، وقد قيل: “إن الفرار من المثلين جائز”، فما بالنا وجيش الفرس ستة أو سبعة أمثال جيش المسلمين؟! ولكن يُخطِئ أحد المسلمين خطأً جسيماً آخر، فيذهب عبد الله بن مرثد الثقفي ويقطع الجسر بسيفه، ويقول: “والله لا يفِرُّ المسلمون من المعركة؛ فقاتلوا حتى تموتوا على ما مات عليه أميركم”. ويستأنف الفُرْسُ القتال مع المسلمين، ويزداد الموقف صعوبة، ويُؤتَى بالرجل الذي قطع الجسر إلى قائد الجيش المثنى بن حارثة، فيضربه المثنى، ويقول له: “ماذا فعلت بالمسلمين؟” فقال: “إني أردت ألا يفرَّ أحد من المعركة”. فقال: “إن هذا ليس بفرار”.
انسحاب منظم عبر الجسر
وبدأ المثنى في هدوء يُحسب له يقود حركة الجيش المسلم المتبقي بعد الهجمات الفارسية القاسية والشديدة، ويقول لجيشه محمِّساً لهم: “يا عباد الله، إما النصر وإما الجنة”. ثم نادى على المسلمين في الناحية الأخرى أن يصلحوا الجسر ما استطاعوا، وكان مع المسلمين بعض الفرس الذين كانوا قد أسلموا وكانوا ذوي قدرة على إصلاح الجسور، فبدءوا يصلحون الجسر من جديد، وبدأ المثنى يقود إحدى العمليات الصعبة، وهي عملية انسحاب في هذا المكان الضيِّق أمام القوات الفارسية العنيفة، فأرسل إلى أشجع المسلمين واستنفرهم ولم يستكرههم، وقال: “يقف أشجع المسلمين على الجسر لحمايته”. فتقدَّم لحماية الجسر عاصم بن عمرو التميمي وزيد الخيل وقيس بن سليط صحابي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيدنا المثنى بن حارثة على رأسهم، ووقف كل هؤلاء ليقوموا بحماية الجيش أثناء العبور، ويحموا الجسر لئلا يقطعه أحد من الفرس، ويقول المثنى بن حارثة للجيش في هدوء غريب: “اعبروا على هيِّنَتِكم ولا تفزعوا؛ فإنا نقف من دونكم، والله لا نزايل (أي لا نترك هذا المكان) حتى يعبر آخرُكم”. ويبدأ المسلمون في الانسحاب واحداً تلوَ الآخر ويقاتلون حتى آخر لحظة، وتكسو الدماء كل شيء وتكثر جثث المسلمين ما بين قتيل وغريق في النهرين، ويكون آخر شهداء المسلمين على الجسر هو سويد بن قيس أحد صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، وآخر من عبر الجسر هو المثنى بن حارثة، فقد ظل يقاتل حتى اللحظة الأخيرة ويرجع بظهره والفرس من أمامه، وبمجرد عبوره الجسر قطعه على الفُرسِ، ولم يستطع الفرس العبور إلى المسلمين، وعاد المسلمون أدراجهم ووصلوا إلى الشاطئ الغربي من نهر الفرات قبل غروب الشمس بقليل. ولم يكن الفرس يقاتلون بالليل؛ لذا تركوا المسلمين، وكانت فرصة للجيش الإسلامي لكي ينجو منسحباً إلى عمق الصحراء؛ لأنه لو ظل في مكانه لعبر إليه الجيش الفارسي في الصباح وقضى على من تبقى منه.
بعد المعركة
في هذا الوقت كان قد فَرَّ من المسلمين ألفانِ، ومنهم من قد واصل فراره إلى المدينة، واستُشهِد من المسلمين في هذه الموقعة أربعة آلاف شهيد، وكان قد اشترك فيها ثمانية آلاف قُتِلَ منهم أربعة آلاف ما بين شهيد في القتال وغريق في النهر، ومن هؤلاء الآلاف الأربعة غَالِبُ أهل ثقيف، والكثير ممن شهد بدراً وأُحُداً والمشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, وكان الأمر شديداً على المسلمين، ولولا فضل الله تعالى، ثم تولية المثنى بن حارثة الأمر ما كان لمن نجا أن ينجو من هذه المصيدة المحكمة التي أعدها الفرس للمسلمين، وكان المثنى كفاءة حربية منقطعة النظير، وهذه هي قيمة القيادة الصائبة، فقد كان أبو عبيد بن مسعود تملؤه الشجاعة والإيمان والإقدام، وقد كان أول من استُنفِرَ فخرج للجهاد وفي وجود الكثير من الصحابة, نفر قبلهم وأُمِّرَ على الجيش، ودخل الحروب في منتهى الشجاعة ولم تأخذه في الله لومةُ لائمٍ، وتقدم لمهاجمة الفيل وهو يعلم أنه سيُقتَل فيوصي بالإمرة لمن بعده، ولم يتوانَ عن القتال. ومع هذا فإمارة الجيوش ليست شجاعة وإيمان فقط، وإنما لا بد من المهارة العالية والكفاءة الحربية، حتى قال بعض الفقهاء: “إذا وُجِدَ قائدان أحدهما من الإيمان بمكان ولكنه لا يدرك قيمة القيادة والإمارة، والآخر يصل إلى درجة الفسوق لكنه مسلم، ويستطيع قيادة الحروب بمهارة، فلا بأس أن يَلِيَ هذا الفاسقُ قيادة الجيش في الحروب؛ لأنه يستطيع أن ينجو بجيش المسلمين كله، والآخر ربما يؤدي بالجيش إلى الهلكة مع إيمانه وشجاعته”.
كانت موقعة الجسر في 23 من شعبان 13 هـ، وكان أبو عبيد قد وصل إلى العراق في 3 من شعبان، وكانت أولى حروبه النمارق في 8 من شعبان، ثم السقاطية في 12 من شعبان، ثم باقسياثا في 17 من شعبان، ثم هذه الموقعة في 23 من شعبان، فخلال عشرين يوماً من وصول أبي عبيد بجيشه انتصر المسلمون في ثلاث معارك، وهُزموا في معركة واحدة قضت على نصف الجيش، ومن بقي فرَّ، ولم يبق مع المثنى غير ألفين من المقاتلين. وأرسل المثنى بالخبر إلى المدينة مع عبد الله بن زيد، وعندما يصل إلى المدينة يجد عمر بن الخطاب على المنبر فَيُسِرّ إليه بالأمر نظراً لصعوبته على المسلمين، فيبكي عمر على المنبر، وكان لا بد أن يعلم المسلمون حتى يستنفر الناس للخروج مرة أخرى لمساعدة بقايا الجيش الموجودة في العراق، وبعد أن يبكي يقول: “رَحِمَ الله أبا عبيد! لو لم يستقتل وانسحب لكُنَّا له فئة، ولكن قدَّر الله وما شاء فعل”. ويأتي بعد ذلك إلى المدينة الفارون والهاربون من المعركة يبكون أشد البكاء، يقولون: “كيف نهرب؟! وكيف نفر؟!”.
وكان هذا الأمر يمثِّل للمسلمين الخزي والعار، ولم يتعودوا قبل ذلك على الفرار من أعدائهم، لكن عمر بن الخطاب رضى الله عنه يطمئنهم ويقول لهم: “إنني لكم فئة، ولا يُعَدُّ هذا الأمر فراراً”. وظل عمر بن الخطاب يحمسهم ويحفزهم، وكان معهم معاذ القارئ وكان أحد مَن فرُّوا، وكان يَؤُمُّ المسلمين في التراويح، فكان كلما قرأ آيات الفرار من الزحف يبكي وهو يصلي، فيطمئنه عمر، ويقول له: “إنك لست من أهل هذه الآية”.


من كتاب أيام لا تنسي للرائد تامر بدر 

Post Your Comment

Du musst angemeldet sein, um einen Kommentar abzugeben.

Suche

Neueste Artikel

  • رؤيا حمل جنازتي يوم 19 يونيو 2025
  • Seien Sie gewarnt: Wenn sie mit dem Iran fertig sind, wird Ägypten an der Reihe sein, ob es uns gefällt oder nicht.
  • Freies Palästina
  • Ein Dankeschön
  • Islam und Terrorismus

Letzte Kommentare

  1. admin zu فلسطين حرة
  2. tamerbadr2 zu رسالة شكر
  3. yousef zu اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا
  4. تامر zu أذكار ما قبل ما قبل النوم
  5. تامر zu الإسلام والإرهاب

Kategorien

  • Aphorismen
  • Schreiben Sie Ihren Beitrag
  • Islam
  • Kritische Anmerkungen
  • Dschihad
  • Leben
  • Erwartetete Nachrichten
  • Urheberschaft
  • Nachricht für Wohltätigkeit
  • Visionen 1980-2010
  • Visionen 2011-2015
  • Visionen 2016-2020
  • Visionen 2021-jetzt
  • Persönlich
  • Historische Figuren
  • Die Zeichen der Zeit
  • Über Visionen
  • Startseite
  • Wer ich bin
  • Was ist der Islam?
  • Leben des Propheten Muhammad
  • أقوال النبي محمد
  • Das Wunder des Korans
  • Islam Frage & Antwort
  • Warum sind sie Muslime geworden?
  • Propheten im Islam
  • Prophet Jesus
  • Islamische Bibliothek
  • Aphorismen
  • Artikel für Mitglieder
  • Artikel von Tamer Badr
    • Erwartetete Nachrichten
    • Die Zeichen der Zeit
    • Urheberschaft
    • Dschihad
    • Islam
    • Leben
    • Nachricht
    • Persönlich
    • Historische Figuren
    • Kritische Anmerkungen
  • Roya Tamer Badr
    • Über Visionen
    • Visionen 1980-2010
    • Visionen 2011-2015
    • Visionen 2016-2020
    • Visionen 2021-jetzt
  • Medienanstalten
  • Buchhandlung
    • Riyadh al-Sunnah aus dem Sahih der Sechs Bücher
    • Die Tugenden der Geduld im Angesicht des Unglücks
    • Das Buch vom Hirten und der Hirtin
    • Das Buch der wartenden Briefe
    • Islam und Krieg
    • Unvergessliche Führungspersönlichkeiten
    • Unvergessliche Tage
    • Unvergessliche Länder
  • Zum Verbinden
  • Eintragen
    • Neue Aufnahme
    • Ihr Profil
    • Passwort zurücksetzen
    • Mitglieder
    • Abmelden
  • Datenschutzbestimmungen
  • Startseite
  • Wer ich bin
  • Was ist der Islam?
  • Leben des Propheten Muhammad
  • أقوال النبي محمد
  • Das Wunder des Korans
  • Islam Frage & Antwort
  • Warum sind sie Muslime geworden?
  • Propheten im Islam
  • Prophet Jesus
  • Islamische Bibliothek
  • Aphorismen
  • Artikel für Mitglieder
  • Artikel von Tamer Badr
    • Erwartetete Nachrichten
    • Die Zeichen der Zeit
    • Urheberschaft
    • Dschihad
    • Islam
    • Leben
    • Nachricht
    • Persönlich
    • Historische Figuren
    • Kritische Anmerkungen
  • Roya Tamer Badr
    • Über Visionen
    • Visionen 1980-2010
    • Visionen 2011-2015
    • Visionen 2016-2020
    • Visionen 2021-jetzt
  • Medienanstalten
  • Buchhandlung
    • Riyadh al-Sunnah aus dem Sahih der Sechs Bücher
    • Die Tugenden der Geduld im Angesicht des Unglücks
    • Das Buch vom Hirten und der Hirtin
    • Das Buch der wartenden Briefe
    • Islam und Krieg
    • Unvergessliche Führungspersönlichkeiten
    • Unvergessliche Tage
    • Unvergessliche Länder
  • Zum Verbinden
  • Eintragen
    • Neue Aufnahme
    • Ihr Profil
    • Passwort zurücksetzen
    • Mitglieder
    • Abmelden
  • Datenschutzbestimmungen

Zum Verbinden

Facebook Facebook X-twitter Instagram Linkedin Youtube
de_DEDE
arAR en_GBEN fr_FRFR es_ESES ru_RURU zh_CNZH pt_PTPT ko_KRKO jaJA it_ITIT de_DEDE
ar AR
ar AR
en_GB EN
fr_FR FR
es_ES ES
ru_RU RU
zh_CN ZH
pt_PT PT
de_DE DE
ko_KR KO
ja JA
it_IT IT