كيفية فشل إنقلاب عسكري في ثلاث ساعات

17 يوليو 2016 

الكثير من يتعجب ويسألني عن كيفية فشل إنقلاب عسكري في ثلاث ساعات
وللإجابة عن هذا السؤال يجب أن أشرح كيف يحدث وكيف ينجح وكيف يفشل الإنقلاب
نقول في البداية يجب أن نفرق بين إنقلاب يكون فيه الجيش متواجد بالفعل في الشوارع ومسيطر على كامل المرافق الحيوية للدولة وبين إنقلاب يكون فيه الجيش في الثكنات العسكرية ويخرج إلى الشارع لينقلب على الحكومة كما حدث في أغلب الإنقلابات ومنها في 23 يوليو 52 والإنقلاب الاخير في تركيا وغيرها من الإنقلابات المعروفة.
الإنقلاب الذي يكون فيه الجيش متواجد في الشوارع هو إنقلاب سهل جدا والمخاطرة فيه تكاد تكون منعدمة إذ أنه لا ينقصه إلا اصدار أوامر من القيادات العسكرية بإقالة الحكومة والرئيس كما حدث في فبراير 2011 فالجيش خرج من ثكناته ومتواجد في الشوارع بالفعل بمعرفة وبموافقة الحكومة والرئيس وهنا فقد إنتهت القيادات العسكرية من الجزء الأكبر والأهم لنجاح الإنقلاب (هذا مع العلم بأنني مقتنع بأن تنحي مبارك كان مسرحية)
أما عن الإنقلاب الذي يخرج فيه الجيش من ثكناته إلى الشارع بدون موافقة الحكومة فهذا يحتاج إلى إعداد وتخطيط ومخاطرة كبيرة وهذا النوع من الإنقلاب يقوم به في العادة عدد قليل من الضباط ذوي الرتب العليا وهذا يختلف عن الإنقلابات في فترة الخمسينيات والستينيات والتي كان يقوم بها الضباط من ذوي الرتب المتوسطة أما الأن وبعد تقدم وسائل الإتصالات وتقدم الأجهزة المخابراتية والرقابة المستمرة على التحركات العسكرية فأصبح قيام ضباط من ذوي الرتب الوسطى بأي إنقلاب أمر شبه مستحيل
نأتي هنا إلى التخطيط للإنقلاب في وقتنا الحاضر فهذا يلزمه سرية كاملة ويجب ان يشارك فيه قيادات عسكرية من عدة فروع مختلفة من الجيش وكلما زاد عدد القيادات من عدة فروع مختلفة كالجيوش البرية والطيران والشرطة العسكرية والمخابرات وغيرها من أفرع الجيش كلما زادت نسبة نجاح الإنقلاب
إذا تم هذا التخطيط حتى بدأ تنفيذ الإنقلاب بدون علم الحكومة والمخابرات فقد نجح هؤلاء الضباط في جزء كبير من مهمتهم ويتبقى نجاح التنفيذ الذي يستلزم خروج جزء من الجيش من ثكناته والسيطرة على أهم ثلاث مواقع وهي الإعلام الرسمي وقيادة الجيش ومقر الرئيس ثم تأتي بعدها السيطرة الآحقه على باقي المؤسسات الحيوية بالدولة
في العادة يقوم بالإنقلاب وحدات قليلة من الجيش وهي الوحدات التي يسيطر عليها الضباط المخططون للإنقلاب فإذا نجحوا في الساعات الأولى من الإنقلاب في السيطرة على المؤسسات الهامة في الدولة توالى إنضمام باقى وحدات الجيش إليهم، فالساعات الأولى من اليوم الأول من الإنقلاب هي الساعات المصيرية في تحديد مصير الإنقلاب
الإنقلاب تكون مدته يوم واحد على أقصى تقدير فإذا زاد عن ذلك يتعرض للفشل فاللإنقلاب يعتمد على عنصري المفاجأة والسرعة في السيطرة على مؤسسات الدولة فإذا فقد تلك العناصر فشل في تحقيق هدفه
في حالة الإنقلاب في تركيا فإن الإنقلابيون نجحوا في التخطيط والتنفيذ وسيطروا على التلفزيون الرسمي وقيادة الجيش ولكنهم فشلوا في القبض على الرئيس بل وتمكن الرئيس من مخاطبة شعبه وطالبهم بالنزول ولو تمكن الإنقلاب وقتها من إعتقال الرئيس لكانت نتيجة الإنقلاب مختلفة الآن وأيضا كان هناك عامل آخر في فشل الإنقلاب هو مواجهة بعض قطاعات من الجيش والشرطة للإنقلاب في بدايته وهذا ما جعل باقي وحدات الجيش تتردد أو ترفض النزول إلى الشارع والإنضمام للإنقلاب وأيضا كان نزول الشعب بهذا العدد إلى الشوارع كان له عامل الحسم في فشل الإنقلاب
أما بالنسبة للضباط والجنود الذين يشاركون في الإنقلاب فمن الوارد جدا أن يكون منهم من هو غير مؤيد للإنقلاب ولكنه في هذه اللحظة يتلقى أوامره من قادته فإما ان يُطيع أوامرهم أو أن يعصى أوامرهم ويكون مصيره الإعدام فيقرر وقتها أن يستجيب للأوامر مُكرهاً على أمل أن يتم الإفراج عنه إذا ما فشل الإنقلاب بحجة أنه لم يكن بيده حيلة
أرجو ان يكون مقالي ذلك فيه الجواب الواضح والكامل لتسائلاتكم بخصوص طبيعة الإنقلاب
டேமர் பத்ர் 

ta_INTA