انضمامي للثورة في أحداث محمد محمود 2011

18 نوفمبر 2013 

انضمامي للثورة في أحداث محمد محمود 2011

كنت أشعر بأننى سأقوم بشيء ما خلال الأيام السابقه لأحداث محمد محمود وكتبت منشور في صفحتي على الفيس بوك يوم 16 نوفمبر قبل جمعة المطلب الواحد كان نصه
منذ أن كنت في سن الخامسة عشر وأنا أسعى لان أجاهد في سبيل الله وأحارب اليهود في سبيل تحرير الأقصى الأسير وبذلت في ذلك الكثير
سعيت بكل الوسائل أن أحقق هذا الهدف ولكن اعتقد أن الله اختار لي جهاد أخر
جهاد ضد سلطان جائر يحكم مصر ويعوق هدفي في سبيل جهادي لتحرير فلسطين
فإذا كان هذا قدري فانا اقبله بنفس راضيه من اجل تحرير مصر من الفساد
أنا أؤمن بان مفتاح تحرير الأقصى موجود في مصر ومصر لازالت حبيسة الظلم والفساد
لقد قررت أن أجاهد ضد هذا الظلم حتى ولو كلفني ذلك حياتي وأسرتي وأولادي
أقول لفلسطين أنا أسف أنني من الممكن أن لا استطيع أن افعل لك شيئا الآن حتى أحرر مصر أولا ولو كتب لي الله الحياة بعد تحرير مصر سأسعى إلى تحرير الأقصى بكل ما املك
وأرجو أن تتحرر مصر حتى تتحرر فلسطين
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ رضى الله عنه قَالَ: عَرَضَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الأُولَى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَىُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ فَسَكَتَ عَنْهُ. فَلَمَّا رَأَى الْجَمْرَةَ الثَّانِيَةَ سَأَلَهُ، فَسَكَتَ عَنْهُ. فَلَمَّا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَضَعَ رِجْلَهُ فِى الْغَرْزِ لِيَرْكَبَ. قَالَ: « أَيْنَ السَّائِلُ؟ ». قَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: « كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ ذِى سُلْطَانٍ جَائِرٍ ».
انا فى التحرير الجمعه ان شاء الله
أحبكم في الله إخواني
وبعد هذا المنشور استشعر بعض أصدقائي فى الفيس المقربين لي بأنني سوف أفعل شيئا وذلك لعلمهم بأنني كنت أنوي قبل ذلك إعلان انضمامي للثورة في 8 ابريل لولا ظروف مرض زوجتى في هذا اليوم وقلت لهم حينئذ إن لو اقتضي الأمر أن أعلن انضمامي للثورة لسوف أنضم
شاركت في جمعة المطلب الواحد يوم 18 نوفمبر وقد كنت في أجازة حينئذ من عملي , ويوم السبت 19 نوفمبر 2011 م بدأت أحداث شارع محمد محمود حينما اعتدت قوات الشرطة على أسر الشهداء والمصابين في ميدان التحرير حيث ظلوا معتصمين في الميدان من بعد مليونية المطلب الواحد ولم أكن أعلم أنهم ظلوا معتصمين إلا عندما سمعت نبأ الاعتداء عليهم من القنوات الفضائية قبل صلاة العصر وحينها أصابني إحباط وغضب شديد في داخلي ونزلت أصلى العصر في المسجد وأنا أفكر ماذا أفعل وعندما عدت أخذت أتناول وجبة الغذاء وأنا أشاهد بداية الاشتباكات في شارع محمد محمود وسيارة الشرطة الواقفة بداخل الميدان وحولها ثوار التحرير
كنت محرجا من زوجتي فقد تركتها قبلها بيوم وكنت في ميدان التحرير فكيف أتركها اليوم أيضا وأجازتي متبقي عليها ستة أيام تنتظرها زوجتي كي أكون معها ومع أولادنا , ولكنني لم أستطيع تمالك نفسي وأنا أشاهد أخوتي في الميدان وهم يُضربون بالغازات للدفاع عن أنفسهم وعن الميدان , وأخذت أقول لنفسي:
أنا أأكل الآن وغيري يجاهد من أجلى؟
أنا أجلس في بيتي وأخوتي يناضلون من أجلى؟
أنا أشاهد الأحداث في التلفزيون وأخوتي يُضربون في ميدان التحرير؟
وغيرها من التساؤلات التي أسألها لنفسي حتى تركت الغذاء دون أن أكمله وذهبت إلى غرفة نومي وأخذت ألبس ملابسي دون أن أشعر وأخذت أبكي بشدة وزوجتي تهدأنى وتقول لي ماذا ستفعل فقلت لها أنا ذاهب إلى ميدان التحرير أنا مش قادر لازم أروح فبكت زوجتي وأخذت تحاول أن تغير قراري ولكن عندما شاهدت حالتي وبكائي لم تستطيع منعي حني وصلت إلى باب شقتي فوجدت أولادي ينظرون إلي وكأنهم يقولون إلى أين أن ذاهب أتتركنا بمفردنا؟ , أغلقت باب الشقة وأنا أنظر إليهما بحسرة وكأنني أقول ما باليد حيلة إنها ساعة الجهاد فقد قال تعالى (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) صدق الله العظيم
ركبت سيارتي وتحركت إلى ميدان التحرير وأنا أفكر ماذا أستطيع أن أفعل وهل يكفي أن أكون في الميدان فقط أم بوسعي أن أفعل أكثر من هذا واتصلت بي زوجتي وأنا في الطريق وأنا ذاهب إلى الميدان وقالت لي خالي بالك من نفسك وقلت لها لو أبلغتي والدتي فسوف أغلق الموبايل ولن تستطيعون الاطمئنان علي حتى أمنعها من إبلاغ والدتي فأنا أعلم من خلال تجاربي السابقة في التواجد في ميدان التحرير أن والدتي عندما تعلم بوجودي في الميدان فإنها لا تكف عن الاتصال بي ولا تكف على الضغط على أخوتي وزوجتي حتى يطالبوني بترك ميدان التحرير.
وصلت إلى ميدان التحرير وكأنني ذاهب إلى ميدان المعركة وأنا أتشهد وأقول نويت الجهاد وشاهدت سيارة الشرطة وهي تحترق ودخلت شارع محمد محمود وإذا بقنابل الغاز تُطلق من الشرطة علينا وكنت أساعد في نقل المصابين حتى هجمت الشرطة علينا في المغرب لتفض المتظاهرين عن ميدان التحرير وأخذت أجري مع مجموعة من المتظاهرين في اتجاه ميدان طلعت حرب وكانت مدرعة شرطة تطاردنا بإطلاق قنابل الغاز وشاهدت البطولات من الكثير من المتظاهرين فإذا بفتاة تعطينا المناديل المُشبعة بالخل وهي لا تستطيع الوقوف من أثار الغاز حتى تقع من فعل الغازات وتوصينا بتكملة الكفاح وسيدة أخري تلتفت إلى الخلف فإذا بقنبلة غاز تسقط على صدرها فتسقط على الأرض مغشيا عليها وغيرهم من الأبطال الذين لن أنسي شجاعتهم مدي حييت ثم دخلنا مرة أخري إلى ميدان التحرير واستمرت الاشتباكات بيننا وبين قوات الشرطة طوال الليل مع تزايد أعداد المتظاهرين وتركت الميدان وعدت إلى البيت الساعة الثانية حتى استطيع السفر إلى الإسماعيلية صباح الأحد للقيام بمأمورية.
عدت بعد المأمورية من الإسماعيلية إلى ميدان التحرير مباشرة عصر يوم الأحد ثاني أيام الاشتباكات فقد كانت الاشتباكات مستمرة ودخلت شارع محمد محمود عدة مرات فكلما تعبت من استنشاق الغازات كنت اخرج للراحة ولكنى ما البس أن أشاهد المصابين يخرجون من الشارع وعلم مصر المرفوع في الشارع حتى أتأثر وأدخل ثانية للمساعدة وقبل أذان المغرب اقتحمت قوات الجيش والشرطة الميدان فكنت أرد عليهم بإلقاء الحجارة مع باقي الثوار وشاهدتهم وهم يضربون المتظاهرين ويحرقون الخيام والموتيسكلات حتى انسحبوا من الميدان.
لقد تأججت مشاعر الكراهية تجاه الجيش في ميدان التحرير وكان اغلبهم لا يفرق بين الجيش والمجلس العسكري وكانوا يعتبرون أن ضباط الجيش ضد الثورة وكان شعورهم هذا يؤذيني كثيرا وكنت أحاول أن أصحح هذه المفاهيم لبعض الثوار الذين كنت أفصح لهم عن هويتي ولكنني كنت أدرك أن هذا لن يكفى لتصحيح هذا المفهوم ومن هنا بدأت فكرة إعلان انضمامي للثورة عبر وسائل الإعلام تراود تفكيري شيئا فشيئا فقد أحسست انه لابد من اتخاذ خطوة فدائية تخدم هؤلاء الذين يضحون بأنفسهم من أجل حياة أفضل لي ولأسرتي ولمصر وكنت أقول لنفسي وأني أري جنازة الشهداء الذين سقطوا فى شارع محمد محمود وهي تلف ميدان التحرير
هل أنا اقل من هؤلاء الذين ضحوا بحياتهم من أجلى ؟
وألم أدخل الكلية الحربية من أجل حماية هؤلاء المظلومين والمقهورين؟
وهل أنا مشارك في قتلهم بسكوتي ؟
وغيرها من الأسئلة التي كانت تراودني وكنت أحاول أن أرضى ضميري بمشاركتي معهم في شارع محمد محمود ولكن لم يكن هذا ليرضيني.
وفى مساء هذا اليوم جاء الدكتور محمد سليم العوا و الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل إلى الميدان وخطب فيه واستمعت لخطبتهم.
لقد ظللت في هذا اليوم في الميدان حتى الساعة الثانية فجرا وذلك لسفري إلى الإسماعيلية في اليوم التالي لاستكمال مأموريتي والتي أنهيتها وعدت مباشرة إلى ميدان التحرير عصر يوم الاثنين ثالث أيام الاشتباكات والتى كانت الاشتباكات فيه على أشدها وكنت دائم الدخول والخروج من شارع محمد محمود ونقل المصابين إلى المستشفيات الميدانية وكأنني في ساحة حرب.
في هذا اليوم ومع ازدياد أعداد المصابين والشهداء قررت إعلان انضمامي للمتظاهرين يوم الثلاثاء حتى يتسنى لي إرسال المرتب إلى زوجتي في هذه الليلة وكان لابد وأن أرتب لقاء تلفزيوني مع قناة الجزيرة في هذه الليلة فتوجهت إلى قلب الميدان الذي كان يعج الصحفيين والإعلاميين فسألت أحد الصحفيين الذي علمت منه أنه مراسل لصحيفة الوطن القطرية وقلت له أريد أن أصل إلى أحد مسئولي قناة الجزيرة وعندما استفسر منى عن السبب صارحته بأنني ضابط بالجيش وأنني سوف أعلن غدا انضمامي للمتظاهرين وأريد أن أعلن ذلك على قناة الجزيرة كونها كانت أكثر القنوات مشاهدة في هذه الأحداث وبالفعل اهتم بما قلته له بعد أن شاهد تحقيق الشخصية العسكرية خاصتي فذهبت معه إلى مبنى مطل على ميدان عبد المنعم رياض توجد به شقه تملكها قناة الجزيرة لبث برامجها وقابلت احد مسئولي قناة الجزيرة الذي أفصحت له بأنني سوف أعلن غدا انضمامي للثوار وأريد أن أعلن هذا على قناة الجزيرة فرد علي بأن القناة لا تريد إحداث انشقاق في الجيش وإنها باستضافتها لي سوف تساعد على هذا الانشقاق فأصابني هذا بالإحباط وسلمت عليه ورجعت مرة أخري إلي الميدان وأنا أفكر حتى لا يشعر أحدا بأنني غير منشق عن الجيش عندما أعلن انضمامي للثوار.
عدت متأخرا في هذا اليوم إلي بيتي بأكتوبر وقد كنت متعبا جدا فقد كنت في الميدان منذ يوم الجمعة ومن تعبي لم استطيع الاستحمام ولم أجلس مع أبنائي فكنت أدخل منزلي وأجد كل من في البيت نائمون واستيقظ حتى أنزل فلم أجلس معهم إلا نادراً وعندما استيقظت صباح يوم الثلاثاء استحممت وتناولت الإفطار ولم أفصح لزوجتي عن نيتي إعلان انضمامي للثورة في هذا اليوم وودعت زوجتي وأنا ذاهب إلى التحرير وشعرت من وداعي بأنني سأفعل شيئا ولكنها لم تكن متأكدة وأخذت تنظر إلي من نافذة شقتنا وأنا أقود سيارتي على غير عادتها وهي تلوح إلي وكان هذا الساعة الثانية عشر ظهراً.
دخلت شارع محمد محمود حتى أقاوم قوات الأمن مع المتظاهرين وكنت أقذف قوات الأمن بالحجارة وأثناء ذلك حاصرتني عدة قنابل غاز حتى شعرت بالاختناق حتى تمكن منى الغاز فلم أستطيع أن أفتح عيني حتى أري فتوقف لي سائق موتوسيكل كان ينقل المصابين للمستشفي الميداني فنقلني إلى إحد المستشفيات فأعطوني قطرات في عيني حتى تم شفائي
بعد ذلك قررت إعلان انضمامي للقنوات الفضائية فقد كان عندي شيئا من التردد ولكن بعد ما حدث لي لم يكن هناك من مفر للإعلان وقررت أن أعلن إنضمامى بالملابس المدنية حتى لا أجعل الناس يشعرون أن هناك إنشقاق داخل صفوف الجيش وتوجهت إلى أحد البنايات المطلة على ميدان التحرير التي يكثر بها مراسلي القنوات الفضائية حوالي الساعة الخامسة عصرا من يوم الثلاثاء 22 نوفمبر 2011 وأعلنت انضمامي على قناة النهار التي لم تذيع الحوار وطالبت بتولى الحكم مجلس رئاسي مدني والإفراج عن ضباط 8 ابريل.
ثم اتصلت بزوجتي وقلت لها أنا أسف فأخذت تقول لي لماذا وأنا لا أستطيع أن أقول لها ماذا فعلته. فشعرت بما فعلته من خلال شريط أخبار كانت تتابعه يتحدث عن إعلان ضابطين بالجيش الانضمام للمتظاهرين قائلة لي اوعي تقول لي انك من الاثنين المنضمين المتظاهرين فقلت لها نعم فإنني لم استطيع الاستمرار في السكوت عما يحدث, فأخذت في البكاء وتقول لي لماذا تركتنا حرام عليك الذي عملته معي وأغلقت معها التلفون وهي تبكي.
استمر اعتصامي في ميدان التحرير بعد ذلك 17 يوم لم أخرج منه إطلاقاً تعرفت خلاله على الكثير من الثوار منهم من أخلص لي ومنهم من خانني حتى تم القبض على وأنا في عمارة هاردز المطلة على ميدان التحرير بعد اعتصامي الذي لن أنساه أبدا ولن أنسي من كان معي من الشهداء والمصابين الذين ضحوا من أجلى ومن أجلك حتى تنجح ثورتنا

Major Tamer Badr

sv_SESV