الدكتور عمار علي حسن يكتب مقال عن جدي الشيخ عبد المتعال الصعيدي الذي كان يُحارب من زملاؤه في الأزهر

12 يوليو 2016

الدكتور عمار علي حسن يكتب مقال عن جدي الشيخ عبد المتعال الصعيدي الذي كان يُحارب من زملاؤه في الأزهر

كتب عمار على حسن مقال عن جدي كتب فيه

التجديد الديني عند «عبد المتعال الصعيدي

خرج أغلب الذين تحدثوا عن التجديد والتنوير الديني من عباءة الشيخ عبد المتعال الصعيدي، الذي مات عام 1966 دون أن تكون كل كتبه قد رأت النور، بعد أن ضيق عليه زملاؤه الخناق، حتى رفتوه من الأزهر، ونعتوه بكل ما هو مشين. ولكن هذا لم يضعف همته بل ظل حتى الرمق الأخير يكتب ويقول: «بعد نصف قرن ستباع كتبي التي لا يجرؤ أحد على نشرها الآن على أرصفة الشوارع»، وهو ما تحقق بالفعل حين طبعت له الهيئة المصرية العامة للكتاب، وهي مؤسسة حكومية، ثلاثة كتب، وعرضتها على أرصفة الشوارع بسعر زهيد ضمن مشروع «مكتبة الأسرة»، لنكتشف أن قليلاً من دعاة التجديد يعترفون للرجل بفضله، أما أغلبهم فقد نقلوا عنه دون أن ينسبوا إليه.

وفي كتابه «المجددون في الإسلام من القرن الأول إلى الرابع عشر» يرى الصعيدي أن التجديد يجب ألا يقتصر على الأمور المعنوية والرمزية بل يمتد إلى المسائل المادية، أي إن من الإجحاف أن تقتصر نظرتنا إلى المجددين على أنهم العلماء والفقهاء والمصلحون الاجتماعيون فقط، بل يجب أن تشمل من سعوا إلى تطبيق الإسلام، وتطوير الشرع، وإيجاد إجراءات تواكب الواقع المتغير باستمرار. ومن هنا فإن تاريخ التجديد في الإسلام بالنسبة له هو «تاريخ نهوض المسلمين في أمور دنياهم، قبل أن يكون تاريخ نهوضهم في أمور أخراهم، ولا يجب أن نذكر فيه من المجددين إلا من يعمل لهذه الغاية، ولا نكتفي فيهم بما اكتفوا به فيهم من مجرد الشهرة في العلم».

ولهذا يضع الصعيدي العديد من القادة والحكام والثوار في عداد المجددين، مثل الخلفاء الراشدين الأربعة، والحسين بن علي، وخالد بن يزيد وعمر بن عبدالعزيز، والخلفاء العباسيين المأمون والواثق والمهتدي… الخ، وكذلك فقهاء وفلاسفة ومتصوفة وعلماء مثل الإمام الشافعي ومعروف الكرخي وأحمد بن حنبل والكندي والرازي وأبي الحسن الأشعري والفارابي وإخوان الصفا وأبو حامد الغزالي وابن سينا وابن حزم وأبو العلاء المعري وابن رشد وفخر الدين الرازي والشريف الإدريسي وأبو الفرج بن الجوزي ونصير الدين الطوسي وابن تيمية وابن دقيق العيد ومحيي الدين بن عربي وابن خلدون وابن القيم الجوزية وأبو إسحاق الشاطبي وسراج الدين البلقيني.. الخ.
ولا يعني هذا أن الصعيدي يتفق مع كل هؤلاء في جميع ما قالوه وفعلوه، بل هو يحرص على تخصيص مواضع ينتقد فيها بعضهم، ويفند فيها آراءهم ومواقفهم. ولكنه عدَّ كل هؤلاء من المجددين باعتبار أن ما طرحوه، سواء وافق رأي جمهور العلماء أو خالفه، أو لاقى هوى الأغلبية الكاسحة من الناس أو خالفه، فإنه كان بمثابة الحجر الذي ألقي في بحيرة الفقه الراكدة فمنعها من التعفن، وجعل باب الاجتهاد مفتوحاً، وخلق حالة من التحدي أمام العقل المسلم، جعلته يتوقد ويتفوق على نفسه أحياناً في سبيل تحصيل إجابات على الأسئلة التي طرحها المجددون.

ويشدد الصعيدي على أن التجديد عملية مستمرة، لا نهاية لها إلا بقيام الساعة، ثم يدعو إلى إنهاء الأسباب التي حالت دون تدفق عملية التجديد واستقوائها، وقدرتها على مواكبة واقع يتغير باستمرار، ومنها الاستبداد السياسي، وعدم تشجيع الحكم لحركات التجديد، وقلة عدد المصلحين، وميل أغلب الناس إلى المقلدين والجامدين، ومحاربة أعداء الإسلام لحركة التجديد، حتى يصعب على المسلمين أن يستعيدوا مجدهم الضائع.

إن آراء الصعيدي ومقولاته، التي لم يكتب لها أن ترى النور في حينه، راحت تسرى عبر ما نُشر له من كتب قليلة أو ما تداوله المفكرون وعلماء الدين من مخطوطات له حتى أصبح لها صدى كبير في كل الكتابات التي تحدثت فيما بعد عن فتح باب الاجتهاد، وتجديد الفكر والفقه الديني، وضرورة التنوير، بل السعي إلى بناء خطاب ديني جديد.

لنك المقال
http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=90200 

عرض أقل

sr_RSSR