الوصف
مقدمة الاستاذ الدكتور راغب السرجاني لكتاب قادة لا تنسى
في تاريخ أُمة الإسلام رجال أضاءوا التاريخ لمن جاء بعدهم، رجال تميزوا في كل مجال،
وربما لا تجد في تاريخ أُمة من الأمم هذا العدد من الرموز اللامعة؛ فعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «تَجِدُونَ النَّاسَ كَابِل مِائَةٍ لَا يَجِدُ الرَّجُلُ فِيهَا رَاحِلَةٌ ) رواه البحاري ومسلم.
لذا فإن المميزين من الرجال في التاريخ العام قلة، ولكن كثيرين من هؤلاء القلة ظهروا وأبدعوا في التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية..
لقد كانت الدولة الإسلامية ولادة بالأبطال الشجعان المجاهدين، وكم عرف التاريخ الإسلامي من قادة ظهروا وقادوا الجيوش الإسلامية لانتصارات كبيرة بفضل الله تعالى، ثم بعبقريتهم وشجاعتهم !
لم يكن السن عاملا من عوامل تحديد القادة في الإسلام، وإنما كانت الكفاءة والقدرة؛ فهذا رسول الله ﷺ يختار أسامة بن زيد وهو ابن الثامنة عشرة ليقود جيشا يُحارب الروم، وتحت إمرته أبو بكر وعمر بن الخطاب عنها .
كما لم يكن السبق إلى الإسلام عاملا هو الآخر؛ فقد ولى الرسول ﷺ عمرو بن العاص رضي الله عنه على كبار الصحابة في غزوة ذات السلاسل، ولم يكن قد دخل الإسلام إلا من أيام معدودات، كما قاد خالد بن الوليد رضي الله عنه كبار الصحابة في غزوة مؤتة، وهو حديث عهد بالإسلام.
لقد كانت معايير اختيار القادة في التاريخ الإسلامي موضوعية تتعلق بالكفاءة فقط؛ لذا فقد أفرزت الحضارة الإسلامية على امتداد تاريخها قادة أفذاذا لا يُشَقُّ لهم غبار.
ومن بعد ذلك تعلم المسلمون أنهم لا بُدَّ لهم من إعداد قادة المستقبل؛ لذا وجدنا انتشار التدريب على الفروسية والجهاد والرمي.
إن تاريخ القيادة في الإسلام تاريخ ثري بالمعاني والمفاهيم العميقة والشخصيات الفذة؛ ومن هنا تأتي أهمية هذا الكتاب.
لقد اهتم المؤلف الأخ تامر بدر – حفظه الله – بتتبع سير القادة المسلمين، وعَرَضَها علينا في
أسلوب سهل رشيق ومختصر، استخرج فيه أهم النقاط التي تحتاجها الأُمة لكي تفهم كيف كان
القادة يُعَدُّون، ولكي تستطيع أن تخرج أجيالا جديدة منهم.
وكما عَوَّدَنَا المؤلف في كتابه السابق (أيام لا تُنسى)، ستجد الكتاب جذاب الأسلوب، ما إن تبدأ في قراءته حتى تجد نفسك مدفوعا إلى الاستمرار حتى النهاية.
أسأل الله عز وجل أن يتقبل جهد المؤلف في كتابه، وأن يرزق الكتاب القبول، وينفع به المسلمين؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أ. د. راغب السرجاني
القاهرة في نوفمبر ٢٠١١م