التاريخ يتكرر دائما معنا وللأسف نحن أمة لا تقرأ التاريخ حتى تستفيد منه وفي النهاية نقع في نفس أخطاء من سبقونا فهؤلاء الذين لا يتذكرون الماضي محكوم عليهم بإعادته وللأسف نحن نكرر أخطاء الماضي ونتحالف مع أعدائنا لنقضي على بعضنا البعض
هذه قصة سقوط أشبيلية وهي مثال متكرر لسقوط باقي المدن الأندلسية وللأسف هو مثال متكرر لواقعنا الحالي
كان سقوط قرطبة أكبر معاقل الإسلام في الأندلس سنة 633 هـ / 1236م بداية النهاية للسقوط التام في الأندلس, ولقد عرف أهل أشبيلية بعد سقوط الموحدين، أنهم لا بد لهم من حماية خارجية بعد أن فشلوا في الاعتماد على الذات, وقد أرسلوا بيعتهم إلى الأمير أبي زكريا الحفصي أمير الحفصيين في تونس هؤلاء الذين لمعوا بعد سقوط الموحدين، لكن الرجال الذين أرسلهم الأمير الحفصي إلى أشبيلية أساءوا معاملة الناس وأظهروا الفساد, فاضطر أهل أشبيلية لإخراجهم، وبدءوا في الاعتماد على أنفسهم، وألغوا معاهدة ذليلة كانت قد عقدت بينهم وبين ملك قشتالة النصراني فرناندو الثالث، وقتلوا ابن الجد صاحب مشروع المعاهدة المذكورة ونصير السياسة المستذلة للنصارى. وكان هذا نذيراً ببداية النهاية لأشبيلية، إلا أنهم قد فقدوا العون الإسلامي الخارجي وأعلنوا بقطعهم المعاهدة حرباً على قشتالة، لم تكن ظروفهم مهيأة لدخولها. وقد شهدت سنة 644 هـ / 1246م بداية التحرك النصراني ضد أشبيلية، واستولى الصليبيون على حامية أشبيلية في هذا العام, وكان ذلك بمساعدة ابن الأحمر ملك غرناطة وفقًا لمعاهدته مع فرناندو بأن يتنازل عن أرجونة وبيع الحجار وقلعة جابر وأرض الفرنتيرة. واعترف بالطاعة لملك قشتالة وتعهد بأن يؤدي إليه جزية سنوية قدرها مائة وخمسون ألف مرافيدي وهي العملة الإسبانية وأن يعاونه في حروبه ضد أعدائه المسلمين!!! وفي العام التالى سنة 645 هـ / 1247 م تقدمت الجيوش النصرانية مرة أخرى إلى أشبيلية، وقد نجحت في الاستيلاء على عشرات من المدن الإسلامية بفضل تدخل ابن الأحمر، وتم حصار أشبيلية وتطويقها من جميع الجهات بالكتائب النصرانية، وبالكتيبة التي يقودها ابن الأحمر المسلم، مشتركين جميعا في تشريد أهلها وسحق دعوة الإسلام بها, ولعل وجود راية محاربة إسلامية يلمحها المسلمون المحاصرون كان أشد ضربة تلقاها بعيون وقلوب باكية أهل أشبيلية المستبسلون !! لقد وقف أهل أشبيلية الشرفاء نحوًا من سنة يدفعون الحصار النصراني المدعوم من ابن الأحمر, وقد نجحوا في إيقاع النصارى في أكثر من كمين وأصابوهم بالهزيمة غير مرة. وقد حاولوا وهم في حصارهم، الاستنجاد بالمغرب دون جدوى, بينما توالت النجدات على النصارى، حتى نجحوا بسببها في منع المؤن عن المسلمين المحاصرين في أشبيلية فنفدت الأقوات وبدأ شبح الجوع يدب في أوصال المدينة المُجهدة!! وكان قضاء الله وخرج المسلمون الأشبيليون من مدينتهم وفق شروط المعاهدة سنة 647 هـ / 1248م, خرجوا نازحين إلى مدن إسلامية إسبانية أخرى لم تلبث أن سقطت!!