بعض الأصدقاء انتقدوني لأنني ذكرت في كتابي أن القمر لم ينشق في عهد سيدنا محمد ﷺ كما هو متعارف عليه، وقد كنت أتوقع تلك الانتقادات أيضًا وذكرت أدلة كثيرة تثبت أن انشقاق القمر لم يحدث سابقًا بل سيحدث مستقبلاُ وغالبًا ستكون آية إنذار قبل عذاب الدخان وسيتم إتهام الرسول الذي ستحدث في عهده تلك الآية بأنه ساحر وسيتم تكذيبه للاعتقاد الراسخ الذي ذكرناه سابقًا بأن سيدنا محمد ﷺ خاتم المرسلين.
المهم أنا أقر بأنني خالفت رأي أغلب العلماء وليس إجماع العلماء في هذه المسألة فهناك قليل جداً من العلماء قال قولي ايضًا منهم على سبيل المثال الدكتور مصطفى محمود في برنامجه الشهير (العلم والإيمان) شاهدوا هذا الفيديو https://www.youtube.com/watch?v=Jlg4wa6euRs
كما أن الشيخَ الغزالي يلخص ما جئت به في كتابي (الرسائل المنتظرة) حيث قال الشيخ الغزالي في (الطريق من هنا): ” …واعلم أن من مفكري المسلمين ومفسري دينهم من اعتبر الانشقاق من أشراط الساعة، وأن من المتكلمين من توقف في أخبار الآحاد، كما قال إبراهيم النظام: «إن القمر لا ينشق لابن مسعود وحده»، وابن مسعود هو الذي روي عنه الحديث المذكور. ربما قال لي قائل: كيف تتهاون في حديث صحيح على هذا النحو؟! وأجيب: إن رد حديث بالهوى المجرد مسلك لا يليق بعالم، وقد رد أئمتنا الأولون أحاديث صحاحًا لأنها خالفت ما هو أقوى منها عقلا ونقلا، وبذلك فقدت مقومات صحتها، ومضى الإسلام بمعالمه ودعائمه لا يقفه شيء! وقد قلت: إنني لا أربط مستقبل ديننا بحديث آحاد يفيد العلم المظنون، وأزيد الموضوع بيانا فأقول: إنني أومن بخوارق العادات، وأصدق وقوعها من المسلم والكافر والبر والفاجر، وأعلم أن قانون السببية قد يحكمنا نحن البشر، بيد أنه لا يحكم واضعه تبارك وتعالى! وعندما قرأت حديث الانشقاق شرعت أفكر بعمق في موقف المشركين، أنهم انصرفوا مكذبين إلى بيوتهم ورحالهم بعدما رأوا القمر فلقتين عن يمين الجبل وشماله وقالوا: سحرنا محمد، ومضوا آمنين سالمين لا عقاب ولا عتاب، قلت: كيف هذا؟! في سورة الأنبياء يحكي الله سبحانه سر كفر المشركين بنبيهم محددين مطلبهم منه: « بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ » ويحكي القرآن لماذا لم يجابوا إلى طلبهم، يقول الله تعالى في سورة الأنبياء: مَا آمَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا، أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ»؟!» إن التكذيب بعد وقوع الخارق المطلوب يوجب هلاك المكذبين، فكيف يترك هؤلاء المكّيون بدون توبيخ ولا عقوبة، بعد احتقارهم لانشقاق القمر؟! ويؤكد القرآن الكريم هذا المنطق في سورة الإسراء: (وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ، وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا، وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا) فإذا كان إرسال الآيات ممتنعا لتكذيب الأولين بها، فكيف وقع الانشقاق؟! بل كيف يقع أو يقع غيره، والله يقول في سورة الحجر: « وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ. لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ » ثم إن المشركين في مواطن أخرى ألحوا في طلب الخوارق الحسية كقوله في سورة الأنعام: «وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا، قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ، وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ « لَا يُؤْمِنُونَ فلماذا لم يقل لهم: سبق أن انشق لكم القمر فكذبتم؟! أيمر هذا الحدث ليعقبه صمت تام؟! وفي سورة أخرى قيل للكافرين وهم ينشدون المعجزات الحسية: حسبكم القرآن، فيه مقنع لمن نشد الحق، كقوله في سورة العنكبوت: (وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ، قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ. أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) إن مئات الآيات، في سور كثيرة طوال العهد المكي، دارت في إثبات الرسالة على محور إيقاظ العقل وتعريفه بربه، واعتبار صاحب هذا الوحي إمام السائرين إلى الله المعتصمين بحبله، وتجاوزت مقترحات الكفار أن يروا آية مادية معجزة. من أجل ذلك لم أقف طويلا عند حديث الانشقاق وأبيت بقوة أن أربط مستقبل الدعوة به أو بغيره من أحاديث الآحاد التي تصطدم بأدلة أقوى منها، ولست بدعا في هذا المسلك فأبو حنيفة ومالك ردوا أحاديث من هذا الطراز عارضها من دلالات القرآن ما هو أقوى منها. إننا لا ننكر الخوارق من حيث هي، وإنما نناقش الأسانيد التي جاءت بها، ونوازن بين دليل ودليل، وإيماننا بالخوارق هو الذي جعلنا نحن المسلمين نصدق بميلاد عيسى من غير أب، فالقرآن قاطع في هذه القضية، وإذا ثبت قول الله فلا كلام لأحد».
نقلت لكم رأيين من آراء العلماء لأن أغلبكم غير مقتنع برأي رجل جاهل مثلي لم يتخرج من جامعة الأزهر من وجهة نظر الكثير منكم. على العموم أنا تناولت موضوع انشقاق القمر بالتفصيل في فصل (انشقاق القمر) في حوالي عشرين صفحة وذكرت أدلة دينية وعلمية كثيرة تثبت أن انشقاق القمر سيحدث مستقبلا في عهد رسول قادم وذكرت علاقة انشقاق القمر علميًا بأشراط الساعة الكبرى والله أعلم.