لقد قررت أن أهدي كتابي القادم الرسائل المنتظرة لجدي من جهة والدتي الشيخ عبد المتعال الصعيدي الذي كنت أتمنى أن يكون معي في وقتنا الحالي ليساندني. فلقد كان للشيخ عبد المتعال الصعيدي معارك عديدة نتيجة اراءه واجتهاداته وتم عقابه أكثر من مرة ومنها كان عام 1937 حينما ثار الأزهريون ضدّ الشيخ بسبب آراءه، وشُكلت لجنة لمحاكمته، وعَرض عليه الشيخ محمود شلتوت، والشيخ الزنكلوني وغيرهما أن يقوم بكتابة مذكرة يُعلن فيها تراجعه عن بعض آرائه، فوافق الشيخ عبد المتعال على ذلك. وكوّنت لجنة المحاكمة من كلٍّ من: الشيخ محمد عبد اللطيف الفحام وكيل الأزهر، والشيخ عبد المجيد اللبان شيخ كليّة أصول الدين، والشيخ مأمون الشناوي شيخ كليّة الشريعة، فخلصت لجنة المحاكمة إلى: حرمان الشيخ عبد المتعال من الترقية خمس سنوات، ونقله من التدريس في كليّة اللغة العربية إلى القسم العام بطنطا. لقد خرج الشيخ الصعيدي عن الإجماع الأزهري في مسألة قتل المرتد، فيقول “إنّني لا يمكن أن أمضي مع أولئك الجامدين من الأزهريين، لأجني على الأزهر بما يجنون عليه بجمودهم”، ورغم هجوم شيوخ الأزهر عليه، وعلى رأسهم الشيخ عيسى منون، لكنّ الصعيدي كان مصمماً على أهمية الحرية الدينية للإنسان عامة. حيث كان يعتقد عبد المتعال الصعيدي أن الحكم بقتل المرتد لا يقع إلا على المرتد القاتل، أو الذي يُكره المسلمين على ترك دينهم، فالقتال هنا للدفاع عن الحرية. أما المرتد المسالم، فلا عقاب عليه في الدنيا، فالحرية الدينية ترتبط بالعقاب الدنيوي، فإذا كان هناك عقاب دنيوي على الاعتقاد لم تكن هناك حرية دينية، والعكس صحيح، وكان سنده في ذلك الآية الكريمة “لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّين”. لقد واجهه جدي الشيخ عبد المتعال الصعيدي الكثير من المتاعب من أجل آراءه الدينية ولذلك فهو أنسب شخص رأيت أن أهديه كتابي الرسائل المنتظرة