للفتنة نوعان 1- فتن خاصة 2- فتن عامة 1- فتن خاصة وهي الأمور التي تقع على الإنسان في خاصة نفسه من خيرٍ أو شر، يمتحن الله عزَّ وجلَّ بها العبد في ماله أو زوجه أو أولاده أو جاره 2- فتن عامة وهي الفتن التي تصيب عامة الأمة، فيصبح الإسلام وأهله في بلاءٍ عظيم .. فهي فتنٌ عامة تعصف بالعباد والبلاد، فيضعف الإسلام ويهون شأن أهله وتتداعى الأمم عليهم كما تتداعى الأكلة على قصعتها
والأمة حاليا في خضم فتنة الدهيماء الذي حذرنا منها رسول الله صل الله علية وسلم والتي كان بدايتها ثورة تونس. وأنا هنا لا أستنكر أو أعاتب الثوار الذين شاركوا في تلك الثورات فأنا ممن شارك في هذه الثورة ولازلت أؤمن بمبادئها ولم ولن اندم على مشاركتي فيها, ولكنني هنا لا أتكلم عن من شاركوا في هذه الثورة في سبيل تحقيق أهداف نبيلة ولكنني أتكلم عن من يوجهه هؤلاء الشباب ويستغلون نضالهم في سبيل تحقيق أهداف شخصية ولخدمة أهداف صهيونية لتدمير الأمة.
وقد أوضحت في مقال سابق أن كل مرحلة تنتقل فيها أمتنا من مرحلة إلى أخري تُبتلي فيها الأمة بفتنة عامة, ونحن الآن في خضم فتنة الدهيماء التي تعقب الحكم الجبري وتسبق الحكم على منهاج النبوة
وسنتكلم هنا بالتفصيل عن فتنة الدهيماء التي وقع فيها أغلب المسلمين من جميع التيارات فيجب عليك أن تعرف متى وقعت في هذه الفتنه؟ ولا يجب عليك أن تظن أنك كنت على الحق منذ بداية الثورة حتى الآن.
ما هي فتنة الدُهيماء؟ الدُهيماء وتعني السوداء أو المظلمة أو الفتنة العظماء أو الطامة العمياء وقيل: المراد بالدُهيماء الداهية.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها (ثم يكون فتنة الدهم كلما قيل انقطعت تمادت حتى لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته يقاتل فيها لا يدرى على حق يقاتل أم على باطل فلا يزالون كذلك حتى يصيروا إلى فسطاطين: فسطاط إيمان لا نفاق فيه وفسطاط نفاق لا إيمان فيه فإذا هما اجتمعا فأبصر الدجال اليوم أو غدا)
وفي رواية أخري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثم فتنة الدهيماء لا تدع أحداً من هذه الأمة إلا لطمته لطمة، فإذا قيل “انقضت”؛ تمادت، يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً، حتى يصير الناس إلى فسطاطين: فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه، فإذا كان ذاكم فانتظروا الدجال من يومه أو من غده) رواه أبو داود واحمد
إذا فمواصفات تلك الفتنة تتلخص في الآتي: 1- لا تدع أحداً من هذه الأمة إلا لطمته لطمة 2- كلما قيل انقطعت تمادت 3- يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً 4- يقاتل فيها لا يدرى على حق يقاتل أم على باطل 5- يصير الناس إلى فسطاطين: فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه 6- نهايتها ظهور المسيخ الدجال
ودعونا نتكلم عن كل نقطة من تلك النقاط بشيء من التفصيل ونوضح لكم أنه ينطبق على واقعنا الحالي 1 – لا تدع أحداً من هذه الأمة إلا لطمته لطمة: أي لا تترك تلك الفتنة أحداً من هذه الأمة إلا وأصابته واشترك فيها, وليس شرط أن تكون بعيداً عن التظاهرات حتى تعتقد انك لم تقع في تلك الفتنة فيكفي أن تضع منشوراً على صفحتك على الفيس بوك تقوم فيه بتكفير من يخالفك في الرأي أو تُعلق على منشور أحد أصدقائك على الفيس بوك وتتهمه فيه بأنه كافر أو من الخوارج أو تُحلل قتل أخيك المسلم, أو أن تؤيد ظالم أو قاتل في أحد جلساتك مع أصدقائك, فكل ذلك يُمثل وقوعك في تلك الفتنة دون نزولك في مظاهرات.
2- كلما قيل انقطعت تمادت: أي كلما توهم الناس أن تلك الفتنة انتهت كلما ازدادت وهذا ما حدث ويحدث في بلدان الربيع العربي فثورة مصر مثلاً في كل مرحلة من مراحل الثورة كان يظن الناس أن الثورة قد انتهت إلا أنها في الحقيقة قد تسببت في مزيد من الانقسام والضحايا, فمثلا عند تنحي مبارك ظن الناس أن الثورة قد نجحت ولكنها في الحقيقة أسفرت عن انقسام الشعب وأسفر ذلك عن ضحايا في عدة أحداث, وعند عزل مرسي ظن الناس أن الموضوع قد انتهي ولكنه أسفر عن انقسام اشد مما قبله وأسفر أيضا عن ضحايا أكثر بكثير من ضحايا العام الذي سبقه.
3- يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً: يصبح الرجل فيها مؤمناً أي: لتحريمه دم أخيه، وعرضه، وماله. ويمسي كافراً أي: لتحليله دم أخيه وعرضه وماله. وهذه المرحلة يجهلها أغلب الناس ووقع في الكثير ممن أعرفهم, فهناك من كانوا يدافعون معي على الحق وإذا بهم الآن يستحلون دم من يخالفهم في الرأي, والعكس ممن كان يصفق للباطل ويؤيده من قبل وإذا به يثور ضده الآن قال النبي صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما رجل قال لأخيه : كافر ، فقد باء بها أحدهما
4- يقاتل فيها لا يدرى على حق يقاتل أم على باطل: ونحن هنا لا نتكلم عن من يخلق تلك الفتن ويخطط لها من طلاب السلطة وشيوخ السلطان الذين يبررون قتل خصومهم تحت أي مبرر (من الخوارج أو من الكفار) ولكنني هنا أتكلم عن من يتبعونهم بغير علم ويصدقون رؤوس تلك الفتن قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، فقلت يا رسول الله: هذا القاتل فما بال المقتول، قال: إنه كان حريصًا على قتل صاحبه
5- يصير الناس إلى فسطاطين فسطاط إيمان لا نفاق فيه وفسطاط نفاق لا إيمان فيه: وهذا المرحلة هي مرحلة التمييز بين الخبيث والطيب وهذه المرحلة ما نحن طريقها الآن فمعسكر النفاق بدأ يظهر حالياً بوضوح إلى حد ما فهناك لا يزال الكثير مخدوعون لا يفقهون شيئاً يميلون على هذا المعسكر, وهناك معسكر الإيمان الذي يدعي كل فصيل أنه يناصره ويمثله إلا أنه سيظهر في وقت قريب وهذا المعسكر هو معسكر المهدي الذي سيحكم على منهاج النبوة وتحت راية لا اله إلا الله وليست تحت راية حزب أو جماعه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( من قاتل تحت راية عُمية يدعو إلى عصبية أو يغضب لعصبية فقِتلتَهُ جاهلية) وستنتهي هذه المرحلة بمعسكرين فقط لا غير, واضحين بلا شُبهه معسكر إيمان ومعسكر نفاق ولا يوجد بينهما معسكر وسطي بينهما
6- نهايتها ظهور المسيخ الدجال: بعد انقسام المسلمين إلى فسطاطين (فسطاط إيمان لا نفاق فيه وفسطاط نفاق لا إيمان فيه) ستنتقل الأمة إلى فتنة اشد من فتنة الدهيماء بل وستعُم كل أنحاء الأرض ألا وهي فتنة المسيخ الدجال ومن الممكن أن يفتتن بهذه الفتنه ممن انضموا إلى معسكر الإيمان والله اعلم, وستنتهي هذه الفتنة بنزول سيدنا عيسي عليه السلام وقتله للمسيخ الدجال. وفتنة المسيخ الدجال تعقب فتنة الدهيماء مباشرة وتفصل بينهما سنوات قليلة جدا فمعظم من يشهدون فتنة الدهيماء هم من سيشهدون فتنة المسيخ الدجال فالمهدي والدجال وسيدنا عيسي عليه السلام سيظهرون على التوالي في أوقات متقاربة جدا والله اعلم
كيفية النجاة من فتنة الدهيماء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إنها ستكون فتن ألا ثم تكون فتنة القاعد فيها خير من الماشي فيها والماشي فيها خير من الساعي إليها ألا فإذا نزلت أو وقعت فمن كان له إبل فليلحق بإبله ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه. قال فقال رجل يا رسول الله أرأيت من لم يكن له إبل ولا غنم ولا أرض؟, قال صلى الله عليه وسلم يعمد إلى سيفه فيدق على حده بحجر ثم لينج إن استطاع النجاء اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت. قال فقال رجل يا رسول الله أرأيت إن أكرهت حتى ينطلق بي إلى أحد الصفين أو إحدى الفئتين فضربني رجل بسيفه أو يجيء سهم فيقتلني؟, قال صلى الله عليه وسلم يبوء بإثمه وإثمك ويكون من أصحاب النار.
فيا أيها الإخوة الكرام أمامكم خياران 1- إما أن تعتزلوا الفتنة إذا استشعرتم بأنكم مشتتين ولا تعلمون الحق من الباطل أو إنكم تتبعون جماعة أو مؤسسة ما ناصرت الحق في وقت ما ووقعت في الفتنة في وقت أخر. 2- وإما أن تتبعوا الحق فقط دون تعصب لأحد التيارات ودون أتباع أي جماعة أو مؤسسة وتدعون للوحدة وليس للتفرقة وسفك الدماء, فمعظم النخب أخطأ ووقع في هذه الفتنة وبسببهم وقع الملاين في تلك الفتنه, وأيضاً هناك علماء دين أشعلوا تلك الفتن بفتاوى تحرض على القتل ووثق فيهم الكثيرون, فلا تثق بأحد في هذه الأيام.
اللهم نجنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن, اللهم بصرنا بالحق وارزقنا الثبات عليه اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه يا رب العالمين